وبعد تعذره تصل النوبة إلى القيمة فلا وجه لبقاء المثل في عهدته إلى زمان الأداء ولو بالقيمة. وقياسه على تعذر العين باطل ومع الفارق إذ هو لم يملك المثل إلا بعد أن يعطى له بخلاف العين فإنه يملكها ولا وجه لسقوط ملكيتها بصرف التعذر.
الثالث: أنه بناء على ما عرفت في الامرين المتقدمين - وهما عدم سهولة تحصيله المثل عرفا وكون تعذره بمنزلة تلف العين - فقهرا يكون التعذر موجبا لان يكون ذمة الغاصب أو من هو بحكمه مشغولة بالقيمة. وإن شئت سمه بانقلاب المثل إلى القيمة ولا مشاحة في الاصطلاح.
فبناء على هذا يجب دفع القيمة إلى المالك طالب أو لم يطالب بل له إلزام المالك بأخذ القيمة إلا أن يكون المثل مرجو الحصول في زمان قريب فله أن يمتنع عن أخذ القيمة ويصبر إلى زمان حصول المثل كما إذا كان التالف حنطة والحنطة إما ليس بموجود أو عزيز الوجود فللغاصب إلزام المالك بأخذ القيمة إلا أن يكون في زمان الحصاد والمتوقع وفور الحنطة في زمان قريب.
ولا فرق فيما ذكرنا من الانقلاب بين التعذر الطاري والبدوي أصلا كما هو واضح فلا يحتاج إلى تطويل الكلام.
[الامر] الثالث: من الأمور التي قلنا يجب التنبيه عليها هو أنه بعد الفراغ عن أن المغصوب أو ما كان بحكمه إن كان قيميا يجب أداء قيمته - إما للاجماع على ذلك كما ادعى في المقام أو من جهة أن المرتكز في أذهان العرف هو ذلك من أدلة الضمان كما هو المختار عندنا - هل المدار في تعيين القيمة قيمة يوم دخول العين تحت اليد أو قيمة يوم التلف أو قيمة يوم الأداء أو أعلى القيم من زمان دخول العين تحت اليد إلى زمان التلف أو إلى زمان الأداء؟
وجوه وأقوال وذكروا لهذه الأقوال والوجوه الخمسة أدلة ومدارك ويطول المقام بذكر جميع ما قالوا في مدارك هذا القول، ولذلك نحن نكتفي بذكر ما هو المختار