وقد ذكرنا في هذا الكتاب - في قاعدة (العقود تابعة للقصود) - (1) أن وجوب الوفاء يحتاج إلى أمرين: الانشاء باللفظ مع القصد، وإن القصد بلا إنشاء أو الانشاء بلا قصد لا أثر له، فلا بد من اجتماع كلا الامرين، ففي صورة النسيان لا لفظ قطعا، كما هو المفروض، وقد لا يكون القصد أيضا كما إذا كان غافلا حال العقد عن أصل الشرط.
وقد فرق شيخنا الأعظم قدس سره (2) بين هذه الصورة فقال فيها بالصحة لما ذكرنا من وقوع العقد مجردا عن كل قيد وشرط وبين الصورة التي لم يكن غافلا من أصل الشرط وإنما غفل عن ذكره في محله، فقال في هذه الصورة بأنه كتارك ذكر الشرط عمدا تعويلا على تواطئهما.
ولكن أنت خبير بأن الشرط غير المذكور لا أثر له أصلا سواء أكان مغفولا بالمرة أو كان ملتفتا إليه حال العقد، غاية الأمر نسي ذكره في محله.
الأمر الثالث: لو كان فساد الشرط لأجل عدم تعلق غرض عقلائي معتد به بذلك الشرط، فقالوا بأن مثل هذا الشرط الفاسد لا يفسد به العقد، وإن قيل بالافساد في سائر أقسام الشروط الفاسدة، فقد حكى على العلامة قدس سره (3) التصريح بصحة العقد ولغوية الشرط، وعمدة الوجه في نظرهم: أن مثل هذا الشرط لا يعتنى به عند العقلاء، ويرون وجوده كالعدم فليس قابلا لان يقيد به العقد ويكون كالكلام اللغو والمهمل الذي يصدر عنه في أثناء العقد، ولذلك ذكروا في باب السلم لغوية بعض الشروط غير العقلائية، وعدم لزوم ترتيب أثر عليها.