حقوق آخرين فتكون الولاية في أمرهم للحاكم، لأنهم بمنزلة الغيب والقصر، بل أنزل منهم، فالمتعين أن يكون المرجع في تعيين الناظر والمتولي هو الحاكم حتى في الأوقاف الخاصة، كالوقف على الذراري.
نعم بعض التصرفات من طرف الموقوف عليهم التي لا يضر بحقوق البطون يجوز لهم ولا مانع عنه، لأنهم مالكون.
الأمر الثالث: هل تعتبر العدالة في الناظر أم لا؟ أو يفصل بين من يجعله الواقف فلا تعتبر فيه ومن يجعله الحاكم فتعتبر فيه؟
ومقتضى الاطلاقات - مثل الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها - عدم اعتبارها فيمن يعينه نفس الواقف في ضمن عقد الوقف.
وأما ما قيده في وقف مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في قضية وقف عين ينبع من قوله عليه السلام: (فإن وجد فيهم من يرضى بهداه وإسلامه وأمانته، فإنه يجعله إليه إن شاء) (1) أي: يجعله ناظرا فلا يدل على اعتبار العدالة، لان الهدى والاسلام والأمانة غير العدالة. نعم جعل فاسق يفسد الوقف ويفنيه ربما يكون منافيا لجعله صدقة جارية، فالانصاف أنه: لا تعتبر العدالة، بل ولا الأمانة فيمن يجعله الواقف.
نعم لو عين الفاسق الذي لم يعمل بالوقف طبق ما جعله الواقف ويهمل شؤونه حتى يحتمل فناؤه وخرابه فلا يبعد وجوب ضم الأمين إليه من طرف الحاكم، وإن كان المتولي والناظر المنصوص هو نفس الواقف فضلا عن أن يكون غيره.
وذلك من جهة أن حفظ الوقف مطلوب من قبل الشارع ولا يرضى بتركه، فيكون أمره بيد الحاكم، لأنه من الحسبيات، وحيث أن عزله لا يجوز - لان الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها - فلا بد من ضم أمين إليه بمنعه عن التعدي وعن الاهمال جميعا.