ولكن يمكن أن يقال: إن اعطاء الضامن للمثل أو القيمة كل واحد في محله إن كان بعنوان المعاوضة وكونه بدلا عن المال الذي حيل بينه وبين المالك - كما توهم - فيرد هذا الاشكال ولا مخرج عنه إلا ما قلنا.
وأما إن كان بعنوان الغرامة وتدارك خسارة التي أوردها على المالك كما هو المستفاد من ظاهر لفظ (بدل الحيلولة) فلا يرد هذا الاشكال أصلا.
إن قلت: إن تدارك الخسارة لا يقتضى ولا يوجب كون هذا البدل ملكا للمالك، لان تدارك خسارته يمكن بدون أن يصير ملكا له بل يحصل بجواز جميع التصرفات له حتى المتوقفة على الملك وإن لم يكن ملكا.
قلنا: أولا: أن جواز جميع التصرفات - حتى المتوقفة على الملك - ملازم عرفا للملكية ولا يمكن انفكاكهما في عالم الاعتبار.
وثانيا: بناء على ما استظهرنا من معنى الحديث إعطاء الضامن للمثل أو القيمة يكون بعنوان أداء ما في ذمته من مال الغير ثبت واستقر على عهدته فلا يمكن أن لا يكون ملكا للمالك.
الثالث: أن ملكية المالك للبدل - بناء على ما اخترناه من القول بالملكية - هل هي ملكية دائمة أو ما دام بقاء تعذر الرد أو إلى أن يرد؟ احتمالات والأظهر أنها ملكية موقتة، وذلك من جهة أن تدارك الخسارة أو غرامتها لا يصدق إلا على مقدار ما خسر وفات وأما الزائد على ذلك المقدار فإن كان فيكون من قبيل الهبة وبدون مقابل.
وفيما نحن فيه لم يخسر العين، لأنها موجودة وترد عليه وما هو الفائت ليس إلا مقدار خروجه عن تحت سلطانه وهو زمان موقت معين وحصل تداركه بإعطائه البدل في ذلك الزمان وكون ذلك البدل تحت سلطانه في ذلك المقدار من الزمان. فإذا كان في تلك المدة مثل ماله تحت سيطرته وسلطانه فعند العرف كأنه لم يخسر