فرع آخر:
وهو أنه لو توضأ بماء الغير بدون إذن مالكه جهلا بكونه غصبا، وبناء على صحة الوضوء بالماء المغصوب جهلا بالموضوع، فلو علم بالغصبية بعد تمام الغسلتين ووصول النوبة إلى المسح فذلك الماء حيث صار تالفا بسبب التوضي به - وفرضنا أن المتوضي أعطى البدل، فعلى تقدير كونه من باب المعاوضة القهرية - يجوز له أن يمسح ببلة ذلك الوضوء حتى مع منع المالك، لأنه خرج عن ملكه بإعطاء البدل، فهو أجنبي عن هذه البلة.
وأما إن لم يكن من باب المعاوضة القهرية بل كان صرف غرامة - كما رجحنا - فحق الاختصاص باق للمالك، فبدون إذنه لا يجوز له أن يمسح بتلك البلة إلا بناء على ما ذكره شيخنا الأستاذ قدس سره من إنكار كون تلك البلة مما تقبل حق الاختصاص أيضا، لعدم الانتفاع بها إلا بالنسبة إلى من هي في يده. (1) وهذا كلام عجيب.
الرابع: هل للغاصب إلزام المالك بأخذ البدل وإن امتنع يرفع أمره إلى الحاكم أم لا؟
الظاهر أنه بناء على ما ذكرنا في معنى الحديث الشريف من أنه يدل على اشتغال ذمة الضامن بالجهات الثلاث التي في العين، فكل واحد من المالك والغاصب إلزام الآخر بدفع البدل.
أما المالك فواضح، لان له في ذمته الجهات الثلاث، فبعد تعذر إحدى الجهات وهي الخصوصية الشخصية، فله المطالبة بالجهتين الباقيتين وإلزام الغاصب بدفعهما، ويجوز له أن لا يطالب بحقه، فإن هذا حق له لا عليه.