التذكية، فتتعارض الامارتان، وبعد تساقطهما بالمعارضة فالمرجع أصالة عدم التذكية، وإلا فإنكار كون سوق المسلمين في عرض اليد لا مجال له.
[الجهة] الرابعة في أنه هل السوق - بعد الفراغ عن اعتباره وحجيته لاثبات التذكية - أمارة أو أصل؟ وعلى تقدير كونه أصلا هل هو أصل تنزيلي أو يكون من الأصول غير التنزيلية؟
فنقول: أما كونه أصلا غير تنزيلي فمما لا ينبغي أن يحتمل، لأنه لو كان أصلا غير تنزيلي لكان أصالة عدم التذكية حاكما عليه، وكان لا يبقى مورد لجريانه، كما هو الشأن في كل أصل حاكم مع محكومه. هذا أولا.
وثانيا: قيام السيرة على اعتباره ليس إلا لأجل أن المتدينين - بعد ما علموا أن الصلاة لا يجوز في غير المذكى، ومع ذلك كانوا يشترون المشكوك من أسواقهم وكانوا يرتبون آثار التذكية عليه - يرون سوق المسلمين كاشفا وطريقا إلى كونه مذكى، فلذلك كانوا يرتبون آثار التذكية عليه، لا من جهة صرف التعبد بالتذكية في ظرف الشك.
وأما أنه أصل تنزيلي، أو أمارة، فالظاهر أنها أمارة، وذلك لما ذكرنا من أن قيام السيرة على دخول المتدينين في الأسواق الاسلامية، وشرائهم المشكوك التذكية والمعاملة معه معاملة المذكى، مع أنهم يدرون أن الصلاة في غير المذكى ليست جائزة - دليل على أنهم يرون أسواق المسلمين طريقا وكاشفا عن كونه مذكى.
وبعبارة أخرى: نحن بينا في محله في الفرق بين الأصل والامارة أن الا مارية متقومة بأمرين:
أحدهما: أن يكون ذلك الشئ الذي جعل أمارة فيه جهة كشف عن مؤداه، ولو