هاهنا أمور يجب أن يذكر [الامر] الأول: لو أسقط المشروط له الشرط الفاسد فهل على القول بأنه مفسد يصح العقد، لأنه بعد سقوطه بإسقاط المشروط له ليس شئ في البين كي يكون مفسدا أم لا يصح؟ لان الشئ بعد ما وجد لا ينقلب عما هو عليه، والمفروض أنه وجد باطلا؟
أما أنه قابل للاسقاط فقد تقدم الكلام فيه في الجزء الثالث من هذا الكتاب في شرح قاعدة (المؤمنون عند شروطهم) (1) وقد بينا هناك أن ظاهر أدلة وجوب الوفاء بالشروط - والثبوت والوقوف عندها - هو أن الشرط يحدث حقا للمشروط له على المشروط عليه، ومن هذه الجهة قابل للاسقاط، وذلك من جهة القابلية للاسقاط خاصة شاملة للحق، ولذلك عرفوا الحق بهذا الامر.
ولكن هذا الكلام في الشروط الصحيحة ومحل بحثنا ليس فيها، بل كلامنا فعلا في الشروط الفاسدة، وتلك الشروط لا توجب ثبوت حق للمشروط له على المشروط عليه، فالاسقاط لا معنى له، إذ ليس شئ في البين كي يسقطه.
فالمراد بالاسقاط هاهنا ليس بمعناه المعروف، بل المراد به رضا المشروط له بالعقد والمعاملة بدون ذلك الشرط الفاسد، وإذا كان الامر كذلك، فربما يقال: لو كان جهة بطلان العقد بالشرط الفاسد هو عدم الرضا بالعقد المجرد - لان الشرط الفاسد لا يجب الوفاء به، بل لا يجوز إذا كان محرما، فلو كان العقد مع ذلك صحيحا يجب الوفاء بالعقد المجرد عن ذلك الشرط، مع أن رضائه كان بالعقد المقيد بذلك الشرط، فبعد أن أسقط الشرط - يكون ذلك الاسقاط رضا بالعقد فيرتفع المانع من البين، فيكون العقد صحيحا.