ومن قبيل استعمال اللفظ المشترك في بعض معانيه بدون قرينة معينة لذلك البعض، فلا بد للشاهدين حينئذ من التفصيل وشرح ما هو مراده من لفظة الرضاع المطلق، أو الرضاع المحرم كي يفهم من يقوم عنده البينة مراد الشاهدين، وأن المشهود به هو ماذا.
نعم لو علم الحاكم من الخارج أن معنى الرضاع عند الشاهدين هو المعنى المختار عنده فلا يحتاج في حكمه بتحقيق الرضاع إلى الشرح والتفصيل، وكذلك الامر في صورة العلم بأن معنى الرضاع عند الشاهد اجتهادا أو تقليدا كذلك في غير الحاكم أيضا بالنسبة إلى ترتيب الأثر، فإن علم بالموافقة أو المخالفة فالامر واضح، وإن لم يعلم فيحتاج في ترتيب الأثر مثل الحكم إلى التفصيل، كي يعلم الموافقة أو المخالفة، ويرتب أثر كل واحد منهما عليه.
ثم إن الذي ذكرنا - من لزوم تفصيل الشاهد مراده من الرضاع - يجري في كل ما هو من هذا القبيل أي ما كان معنى اللفظ مختلفا عند أهل المحاورة، خصوصا عند المتكلم والسامع وعند الشاهدين ومن تقوم عنده البينة، كلفظ (الكر) مثلا فإن فيه اختلافا كثيرا بين الفقهاء من حيث الوزن والمساحة، ولو شهد الشاهدان العادلان على كرية ماء وكان ما هو معنى الكر عندهما معلوما عند من تقوم عنده البينة فلا إشكال، لأنه إن كان موافقا مع مختاره اجتهادا أو تقليدا يرتب أثر الكرية على ذلك الماء، ويثبت كريته عنده، وإلا فلا.
وأما إذا كان ما هو المعنى للفظ الكر - اجتهادا أو تقليدا - غير معلوم، فبناءا على ما ذكرنا - من لزوم التفصيل في الشهادة على الرضاع يجب التفصيل هاهنا أيضا، لكن ظاهر الأصحاب هاهنا قبول الشهادة مطلقا، وترتيب آثار الكر الواقعي، مع أنه لا فارق في البين.
وأما الثالث - أي إثبات الرضاع بشهادة النساء - فالمسألة ذات قولين: