أما أولا: فلان الموقوف عليه هو العنوان، وصرف قابليته للتطبيق على نفسه لا يوجب صيرورته موقوفا عليه. وذلك كما أنه لو باع صاعا من هذه الصبرة - مثلا - فالمبيع قابل للانطباق على كل واحد من صيعان الموجودة فيها، ومع ذلك ليس شئ من الصيعان - بعد تفرقها في الخارج وانقسامها إلى صيعان منفصلة - مبيعا إلا بعد التطبيق وإقباضه للمشتري، وإلا قبل القبض تعين أحدها لمعين ترجيح بلا مرجح.
وأحدها غير المعين غير معقول، لان الصيعان الموجودة كل واحد معين وجميعها يكون مبيعا، لان قابلية الانطباق في الجميع خلاف الفرض، إذ المفروض أن المبيع صاع واحد، فلا مناص إلا القول بأن قبل القبض كل واحد منها ليس مبيعا وبالقبض يتحقق صفة المبيعية.
ففيما نحن فيه تمليك الثمرة للعنوان ولا يصير ملكا لنفس الواقف الذي مصداق إلا بعد فهو ليس بنفسه موقوفا عليه.
وثانيا: قلنا إن بطلان الوقف على نفسه لا دليل عليه إلا الاجماع، والاجماع مع ذهاب المشهور إلى جواز انتفاعه من الوقف إذا وقف على عنوان الفقهاء أو الفقراء أو ما يشابههما إذا كان هو من مصاديق تلك العناوين.
مسألة:
إذا وقف وشرط عوده إليه إذا احتاج، فيه أقوال:
قول بصحة الوقف والشرط جميعا، فيرتب عليه آثار الوقف ما دام لا يحتاج إليه، وعند الاحتياج يعود إلى ملكه. وحكى عن المرتضى قدس سره (1) دعوى الاجماع على هذا القول وادعى بعضهم أن هذا هو قول الأكثر، وعن جماعة بطلان الوقف والشرط، وحكى عن ابن إدريس (2) دعوى الاجماع على ذلك.