الجهة الثالثة في موارد تطبيق هذه القاعدة فنقول: تارة: يكون إحسانه إلى صاحب المال باعتبار دفع الضرر المالي أو النفسي عنه، وأخرى: باعتبار جلب المنفعة له.
فمن الأول: لو رأى اشتعال النار في لباسه بحيث لا طريق إلى حفظ نفس ذلك الشخص عن الاحتراق إلا بتمزيق ألبسته، فمزقها، فحيث أنه محسن إليه في هذا الفعل فلا يضمن.
وكذلك لو كان البزاز اشتعل النار في دكانه، فهو لدفع الضرر عنه وعدم احتراق أجناسه الغالية القيمة هدم مقدارا من الدكان، لعدم وصول النار إلى تلك الأجناس، فلا ضمان عليه، لأجل أنه محسن إليه في هذا الفعل فلا سبيل عليه.
أو أخرج الأجناس من دكانه مع العجلة والسرعة خوفا من احتراقها في أثناء اشتغاله بتفريق المحل عن الأجناس، ووقع التلف على بعضها فلا يضمن، لأنه محسن في هذا الفعل.
وكذلك الامر لو أشرف شخص على الغرق، ولم يمكن نجاته إلا بأن يتلف بعض ما معه من الأموال من الألبسة وغيرها، فأتلفها لاستخلاصه فلا ضمان عليه، لأنه محسن في هذا الفعل الذي صدر عنه لدفع الضرر عن صاحب المال التالف.
وكذلك لو رأى ربان السفينة أن السفينة مع الأموال الكثيرة التي فيها أشرفت على الغرق لثقلها، والمفروض أن السفينة وجميع الأموال لمالك واحد، فألقى مقدارا من تلك الأموال في البحر لحفظ السفينة وباقي الأموال فلا يضمن، لأنه محسن في هذا الفعل.
وكذلك لو كان السيل متوجها إلى داره، أو خانه الذي محل تجارته وفيهما أموال كثيرة، فسد السيل عنهما ببعض فروش داره أو أثاث بيته من الأجناس والأنواع