وأما الثالث: فالمختار هو القول الأول وهو المشهور بين الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وسنذكر الدليل عليه في بيان الجهة الثانية وذكر مستند القائلين بالمشروعية.
[الجهة] الثانية في بيان مدرك هذه القاعدة فنقول:
أما مشروعية عباداته وأنها شرعت في حقهم - غاية الأمر أنها ليست بواجبة عليهم بل تكون مأمورة بالامر الاستحبابي - فلوجوه:
الأول: شمول الأدلة العامة والمطلقات لهم، فقوله تعالى: (وأقيموا الصلاة) (1) وقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (2) وأمثالهما من العمومات والاطلاقات في أدلة العبادات تشمل غير البالغين كشمولها للبالغين.
ولا مخصص للعمومات ولا مقيد للمطلقات عدا ما يتخيل من قول علي عليه السلام (أما علمت أن القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) (3).
وقد يدعي أيضا انصراف تلك العمومات والاطلاقات إلى البالغين.
وفيهما: أما في دعوى الانصراف فإنها لا تخلو عن مجازفة، إذ لا شك في أن الشارع لم يتخذ في مقام تبليغ أحكامه طريقا خاصا، بل يبلغ ويفهمهم على طريق