ولا لغيرها ضرا ولا نفعا فلما جاءوها ورأوها مكبوبة مهينة تساءلوا: " قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم. قال: بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون!! فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون!! " وإلى هذا الموقف كان يجب على الضلال أن يهتدوا، وأن يصحوا من غفلتهم على ضوء الحقيقة الرائعة، لكن النفوس الملتوية تتقلب فيها مقدمات الحق، فإذا بها تتمخض عن نتيجة أخرى!.
لقد عادوا يقولون لإبراهيم، إن آلهتنا - كما علمت - لا تنطق فكيف جرأت على قداستها؟
" ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.. قال:
أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف ولما تعبدون من دون الله... أفلا تعقلون؟ قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين " وجماهير الدهماء من هذا القبيل المتعب، فهم إما أناس لا عقول لهم يعجزون عن إدراك الحق لقصور أذهانهم على نحو ما قال الشاعر:
أقول له عمرا فيسمع خالدا * ويقرؤها زيدا ويكتبها بكرا وإما أناس لهم عقول مدركة ذكية، لكن ليس لهم ضمائر حية، فهواهم هو الذي يوجه علاقاتهم بالخصوم والأصدقاء، ويفسد أحكامهم على الأشخاص والأشياء...
هؤلاء وأضرابهم هم الذين شبههم الرسول بالأرض السبخة.. لا تمسك ماء ولا تنبت كلاء! تحاول أن ترفع رؤوسهم وأن تحملهم عن الثرى الذي التصقوا به، فكأنك تحرك الرواسي من أوضاعها التي شدت فيها.
هل معنى ذلك أنه من الصعب إنشاء أجيال طيبة يترعرع فيها الحق والجمال، وينضر بها العالم ويستقيم العمران، وتستأنف الحياة بها مراحل