أن المصنف والأصحاب لم يريدوا هذا القسم ولا حاجة لهم إليه هنا لأنهم بينوا في موضع آخر أن العيب الحادث قبل القبض من ضمان البائع والنقصان من بقاء قيمة السليم لابد أن يكون بعيب والزيادة لابد أن تكون بنقصان العيب ونقصانه يمنع من ضمان ما نقص منه كزواله (ومثال الثاني) قيمته معيبا يوم العقد ويوم القبض ثمانية وسليما يوم العقد عشرة ويوم القبض تسعة أو بالعكس فالاختلاف ههنا في القيمة المنسوب إليها فان نسبنا إلى أقل القيمتين كان الأرش التسع وإن نسبنا إلى أكثرها كان الأرش الخمس فاعتبار الأقل هنا فيه نفع للبائع لا للمشترى فليس فيه ايجاب أكثر النقصانين بل أقلهما وهو التسع من الثمن وهذا القسم يظهر أنه مراد المصنف والأصحاب على ما سأوضحه إن شاء الله تعالى (ومثال الثالث) قيمته يوم العقد سليما عشرة ومعيبا تسعة ويوم القبض سليما تسعة ومعيبا ثمانية فاعتبار الأقل يوجب أن الأرش التسع وهو أنفع للمشترى من العشر وأكثر نقصانا من الثمن أو تكون قيمته يوم العقد سليما عشرة ومعيبا تسعة ويوم القبض سليما اثنى عشر ومعيبا عشرة فاعتبار الأقل يقتضى أن الأرش التسع واعتبار الأكثر يقتضى أنه السدس وهو أنفع للمشترى وأكثر نقصانا من الثمن أو تكون قيمته يوم العقد سليما عشرة ومعيبا خمسة ويوم القبض سليما ستة ومعيبا أربعة فاعتبار أقل القيمتين يقتضى أن الأرش الثلث واعتبار أكثرهما يقتضى أن الأرش النصف وهو أنفع للمشترى وأكثر نقصانا من الثمن وإذا تأملت الذي ذكرته في القسمين الأولين لم يخف عليك اختلاف الأمثلة وأحكامها في هذا القسم إن شاء الله تعالى إذا عرفت ذلك * فأقول إن الامام عبر عن الوجه الثالث الصحيح ان المراعى ما هو الاضر بالبائع في الحالين والعبارة عنه بأن المعتبر أكثر النقصانين ومثله بأن يكون العيب القديم يوم العقد منقصا ثلث القيمة ويوم القبض منقصا ربعها وهذا الكلام من الامام رحمه الله إنما يستمر مع عبارة المصنف والأصحاب إذا كان فرض المسألة فيما إذا كان الخلاف من جهة العيب وان المراد بأقل القيمتين أقل قيمتي المعيب
(٢٥٩)