ثاني أقوال الشافعي و [ال] قول الثالث: إن أخذه بسلعته يساويه إلى الأجل المذكور.
وإذا حط البايع من الثمن بعد لزوم العقد فهو للمشتري خاصة ولم يسقط عن الشفيع لأنه إنما يأخذ الشقص بالثمن الذي انعقد عليه البيع وما يحط بعد ذلك هبة مجددة لا دليل على لحقوقها بالعقد (1) وهو قول الشافعي سواء كان الحط كل الثمن أو بعضه.
وقال أبو حنيفة: إن حط بعض الثمن لحق العقد ويسقط عن الشفيع، وإن حط كله لم يلحق العقد. (2) وإذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة، استحقت في كل مبيع، من الأرضين والحيوان والعروض - كان ذلك مما يحتمل القسمة أو لم يكن (3)، وقال الشيخ في الخلاف: لا شفعة في كل ما يمكن تحويله من الثياب، والحبوب، والسفن، والحيوان وغير ذلك عند أكثر أصحابنا، و على الظاهر من رواياتهم وبه قال الشافعي وأبو حنيفة.
وقال مالك: الشفعة في كل شئ من الأموال والثياب والطعوم والحبوب والحيوان - و هو اختيار السيد المرتضى - (4) واستدل عليه ومن تبعه بأن هذا هو المذهب الذي تقدم الإجماع عليه من أصحابنا، وبما روي من قوله (صلى الله عليه وآله): الشفعة فيما لم يقسم ولم يفصل، وبقوله:
الشفعة في كل شئ، على أنه يقال لهم: إذا كنتم تذهبون إلى أن الشفعة وجبت لإزالة الضرر عن الشفيع، وكان هذا المعنى حاصلا في ساير المبيعات، لزمكم القول بوجوب الشفعة فيها.
وقولهم: من صفة الضرر الذي تجب الشفعة لإزالته أن يكون حاصلا على جهة الدوام، وهذا لا يكون إلا في الأرضين، ليس بشئ لأن الضرر المنقطع يجب أيضا إزالته عقلا وشرعا، كالدائم فكيف وجبت [الشفعة] لإزالة أحدهما دون الآخر، على أن فيما عدا الأرضين ما يدوم كدوامها ويدوم الضرر بالشركة فيه لدوامها، كالجواهر وغيرها (5).
والشفعة مستحقة على المشتري دون البايع [106 / ب] وعليه الدرك للشفيع وفاقا للشافعي ومالك وقال أبو حنيفة: إن أخذه من البايع فالعهدة عليه، وإن أخذها من المشتري فعلى المشتري.
لنا أن الشفيع إنما يأخذ ملك المشتري بحق الشفعة فيلزمه دركه كما هو لو باعه. (6)