وقولهم: إذا لم تبطل الشفعة بتأخير الطلب دخل على المشتري ضرر، لأنه إذا علم بذلك امتنع من التصرف في المبيع بما يحتاج إليه من غرس وبناء وتغيير لأن الشفيع يأمره بإزالة ذلك إذا أخذ وهو من أخذه على وجل وذلك ممنوع منه عقلا وشرعا، والجواب عنه أن يقال: يمكن أن يتحرز من هذا الضرر بما به يسقط حق الشفعة أصلا ووجوه التحرز من ذلك كثيرة.
ثم يقال لهم على سبيل المعارضة في مقابلة ضرر المشتري بما ذكرتموه [من] ضرر الشفيع بالشركة، وإزالة ضرره هاهنا هو المقصود المراعى دون إزالة ضرر المشتري، ولهذا يستحق الشفعة من علم بالبيع بعد السنين المتطاولة بلا خلاف وإن كان حاضرا في البلد، و كذا حكم المسافر إذا قدم، والصغير إذا بلغ ولم يمنع ما ذكر تموه من ضرر المشتري من استحقاقها.
واشترطنا عدم عجزه عن الثمن، لأنه إنما يملك الأخذ إذا دفع إلى المشتري ما بذله للبائع، فإذا تعذر عليه سقط حقه من الشفعة، وسواء كان عجزه لكونه معسرا أو لكون ما وقع عليه العقد أو بعضه غير معلوم القيمة، وقد فقدت عنه بلا خلاف في ذلك.
وقد روى أصحابنا أن حكمه كذا متى لم يحضر الثمن من البلد الذي هو فيه حتى مضت ثلاثة أيام، ومتى ادعى إحضاره من مصر آخر فلم يحضره حتى مضت مدة يمكن فيها وصول الثمن وزيادة ثلاثة أيام، هذا ما لم يؤد الصبر عليه إلى ضرر، فإن [106 / أ] أدى إلى ذلك بطلت الشفعة.
وإذا كان الثمن مؤجلا فهو على الشفيع كذلك (1)، وهو أحد أقوال الشافعي. وبه قال مالك (2) ويلزمه إقامة كفيل به إذا لم يكن مليا (3) وفاقا لمالك (4) وهذا لا يتفرع على مذهب من قال من أصحابنا إن حق الشفعة لا يسقط بالتأخير.
وقال الشيخ: وهو مخير بين أن يأخذه في الحال ويعطي ثمنه حالا وبين أن يصبر إلى حلول الأجل فيطالبه بالثمن الواجب عندها، لأن الشفعة قد وجبت بنفس الشراء والذمم لا تتساوى فوجب عليه الثمن حالا، أو يصبر إلى وقت الحلول فيطالبه بالشفعة مع الثمن وهو