الأول: أن السيادة والحاكمية لله - تعالى - فقط، وبيده التشريع والحكم (إن الحكم إلا لله). والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا لم يكن له حق الحكم إلا بعد ما فوض الله إليه ذلك، ولم يكن يتبع في حكمه إلا ما كان يوحى إليه. والأئمة أيضا قد انتخبوا من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر الله - تعالى - بلا واسطة أو مع الواسطة. حتى ان الفقهاء في عصر الغيبة أيضا نصبوا من قبل أئمتنا (عليهم السلام) لذلك، وإلا لم يكن لهم حق الحكم. وليس لانتخاب الناس أثر في هذا المجال أصلا. فالحكومة الإسلامية تيوقراطية محضة. وهذا القول هو الظاهر من أصحابنا الإمامية.
الثاني: أن الأمة بنفسها هي صاحب السيادة ومصدر السلطات، وأهل الحل و العقد يمثلون سلطة الأمة. ويشهد لذلك، مضافا إلى سلطة الناس على أنفسهم تكوينا، قوله - تعالى -: " وأمرهم شورى بينهم. " وما ورد من الأخبار الكثيرة المتضافرة في بيعة الناس للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والخلفاء والأئمة. فيظهر بذلك أنهم مبدأ السلطة والسيادة.
نعم، ليس للحكام التخلف عما أمر الله به - تعالى - في كل مورد.
والحق هو الجمع بين القولين بنحو الطولية. فإن كان من قبل الله - تعالى - نصب لذلك - كما في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا في الأئمة الاثني عشر عندنا - فهو المتعين للإمامة، و لا ينعقد الإمامة لغيره مع وجوده والتمكن منه. وإلا كان للأمة حق الانتخاب، ولكن لا مطلقا بل لمن وجد الشرائط والمواصفات المعتبرة. ولعل إمامة الفقهاء في عصر الغيبة من هذا القبيل، كما سيأتي بيانه.
فالإمامة تنعقد أولا وبالذات بالنصب، وبعده بانتخاب الأمة بمرحلة واحدة أو بمراحل.
وأما التغلب بالقهر، أو ولاية العهد، أو بيعة بعض الناس فلا يكون ملاكا للإلزام و ايجاب الطاعة عند العقل والوجدان. فإذا فرض أن الأمة انتخبت فردا للإمامة وصار هذا إماما بذلك فلا محالة يكون المنتخب نفس هذا الشخص، ولم يفوض إليه تعيين غيره لما بعده. فبأي حق يعين غيره؟ وبأي دليل يصير تعيينه