نافذا لازم الاتباع على الأمة ولاسيما إذا لم يكن الفرد الذي عينه واجدا للشروط والمواصفات الثمانية التي مر اعتبارها في الوالي؟!
وما دل من الآية والروايات على وجوب إطاعة أولي الأمر لايراد بها إطاعة كل من تسلط وتأمر ولو بالقهر والغلبة، ولا في جميع قرارات الوالي ولو في تعيين الغير لما بعده من دون تحصيل رضا الأمة، بل المقصود بالآية إطاعة من حق له الولاية و الأمر في خصوص ما فوض إليه أمره. فوجوب الإطاعة هنا حكم شرعي يدور مدار موضوعه الخاص. ولا يحقق الحكم موضوع نفسه، كما هو واضح. وقد مر بيان الآية والاحتمالات المتطرقة إليها في الباب الثاني عند التعرض لها.
نعم، لو كان الإمام معصوما - كما نعتقده في الأئمة الاثني عشر - فلا محالة يكون تعيينه للإمام بعده حجة شرعية على تعينه من قبل الله - تعالى -، أو من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو كون التعيين مفوضا إليه، أو كون المعين أفضل الأفراد وأجمعها للشرائط، فيلزم اتباعه.
ثم هذا إذا لم يستعقب التغلب، أو ولاية العهد، أو بيعة البعض رضا جميع الأمة و بيعتهم له طوعا، وإلا صار من مصاديق انتخاب الأمة، كما هو واضح، هذا.
وليس كلامنا هنا في الإمامة في صدر الإسلام. فإنها مسألة كلامية مفصلة تطلب من مظانها وإن اتضح نظرنا فيها. وإنما البحث هنا في ولاية الفقيه العادل الواجد للشرائط في عصر الغيبة، وهي مسألة فقهية. فإن ثبت كونها بالنصب من قبل الأئمة (عليهم السلام) من طريق المقبولة وغيرها فهو، وإلا كانت فعليتها بالانتخاب على فرض صحته كما هو المختار ولكن في طول النصب، كما مر. وسيأتي البحث في أدلة النصب وأدلة الانتخاب في الفصول الآتية، فانتظر.
وكيف كان فالظاهر أن الطريق لانعقاد الإمامة ينحصر فيهما ولا ثالث لهما، فتدبر.