أيضا لانتخاب الفاقد للشروط مع وجود الواجد لها.
ففي عصر الغيبة إن ثبت نصب الأئمة - عليهم السلام - للفقهاء الواجدين للشرائط بالنصب العام بعنوان الولاية الفعلية فهو، وإلا وجب على الأمة تشخيص الفقيه الواجد للشرائط وترشيحه وانتخابه، إما بمرحلة واحدة أو بمرحلتين: بأن ينتخب أهل كل صقع وناحية بعض أهل الخبرة، ثم يجتمع أهل الخبرة وينتخبون الفقيه الواجد للشرائط واليا على المسلمين. والظاهر كون الثاني أحكم وأتقن وأقرب إلى الحق، كما يأتي بيانه. وكيف كان فالفقيه الواجد للشرائط هو المتعين للولاية، إما بالنصب أو بالانتخاب.
ولا يخفي أن مساق كلمات الأعاظم والأعلام في تأليفاتهم كان إلى تعين النصب، وكون الطريق منحصرا فيه. ولم يكونوا يلتفتون إلى انتخاب الأمة. فعندهم الفقهاء منصوبون من قبل الأئمة المعصومين (عليهم السلام) بالنصب العام ويستدلون على ذلك بمقبولة عمر بن حنظلة والروايات الكثيرة الواردة في شأن العلماء والفقهاء والرواة. كما أن الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) منصوبون من قبل الله - تعالى -، أو من قبل الرسول الأكرم. و رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان منصوبا من قبل الله - تعالى -. فإلى الله تنتهي جميع الولايات، و لا اعتبار لولاية لا تنتهي إليه. قال الله - تعالى -: " إن الحكم إلا لله. " (1) وقد يقرب ذلك بأن الوجدان لا يلزم أحدا بإطاعة غيره إلا بإطاعة مالك الملوك أو من يكون منصوبا من قبله ولو بالواسطة. والحكومة الحقة الصالحة هي التي لها جذور في وجدان الناس وفطرتهم.
قال المحقق النراقي - طاب ثراه - في العوائد:
" وأما غير الرسول وأوصيائه فلاشك أن الأصل عدم ثبوت ولاية أحد على أحد إلا من ولاه الله - سبحانه -، أو رسوله، أو أحد من أوصيائه على أحد في أمر. وحينئذ فيكون هو وليا على من ولاه فيما ولاه فيه. " (2)