1 - قال الماوردي في الأحكام السلطانية:
" والإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما اختيار أهل العقد والحل. والثاني بعهد الإمام من قبل. فأما انعقادها باختيار أهل الحل والقعد فقد اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتى: فقالت طائفة: لا تنعقد إلا بجمهور أهل العقد و الحل من كل بلد، ليكون الرضا به عاما والتسليم لإمامته اجماعا.
وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على الخلافة باختيار من حضرها ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها. وقالت طائفة أخرى: أقل من تنعقد به منهم الإمامة خمسة يجتمعون على عقدها أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة، استدلالا بأمرين: أحدهما أن بيعة أبي بكر انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها، ثم تابعهم الناس فيها. وهم عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وسالم مولى أبي حذيفة. والثاني أن عمر جعل الشورى في ستة ليعقد لأحدهم برضا الخمسة وهذا قول أكثر الفقهاء والمتكلمين من أهل البصرة. وقال آخرون من علماء الكوفة: تنعقد بثلاثة يتولاها أحدهم برضا الاثنين ليكونوا حاكما وشاهدين، كما يصح عقد النكاح بولي وشاهدين. وقالت طائفة أخرى: تنعقد بواحد، لأن العباس قال لعلي (عليه السلام): أمدد يدك أبايعك فيقول الناس: عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان، و لأنه حكم، وحكم واحد نافذ. " (1) أقول: لقائل أن يقول: إن الولاية على المسلمين أمر يرتبط بجميع المسلمين، فيجب أن يكون نصب الإمام إما من قبل الله - تعالى -، مالك الملوك، أو من ناحية جميع المسلمين ولا أقل من ناحية أكثرهم، أو من ناحية أهل الحل والعقد إذا تعقبه رضا الجميع أو الأكثر. وأما نفوذ تعيين عدد قليل كخمسة مثلا في حق الجميع و وجوب التسليم لهم ومتابعتهم فلا ملاك له، لا في العقل ولا في الشرع.