والمحذور الذي أشار إليه من بيعة أبي بكر ليس محذورا فإن الأكثر منهم لا يعتقدون العصمة في الإمام ولا في الصحابة. وعمر بنفسه حكم بكون بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها (1) فيظهر من ذلك انها لم تكن عنده قائمة على أساس، ولم يكن يرضى بصيرورتها قاعدة وسنة متبعة، كما زعم هؤلاء.
قال عبد الكريم الخطيب من علماء السنة في كتاب الخلافة والإمامة ما نصه:
" وقد عرفنا أن الذين بايعوا أول خليفة للمسلمين - أبي بكر - لم يتجاوزوا أهل المدينة، وربما كان بعض أهل مكة، أما المسلمون جميعا في الجزيرة كلها فلم يشاركوا في هذه البيعة، ولم يشهدوها، ولم يروا رأيهم فيها; وإنما ورد عليهم الخبر بموت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الخبر باستخلاف أبي بكر. فهل هذه البيعة أو هذا الأسلوب في اختيار الحاكم يعتبر معبرا عن إرادة الأمة حقا؟! وهل يرتفع هذا الأسلوب إلى أنظمة الأساليب الديموقراطية في اختيار الحكام؟! لقد فتح هذا الأسلوب الفريد الذي عرف في المجتمع الاسلامي لاختيار الحاكم - فتح أبوابا للجدل فيه والخلاف عليه. " (2) وعن الشيخ علي عبد الرزاق من علماء الجامع الأزهر أنه قال في كتابه: (الإسلام و أصول الحكم):
" إذا أنت رأيت كيف تمت البيعة لأبي بكر، واستقام له الأمر تبين لك أنها كانت بيعة سياسية ملكية عليها طابع الدولة المحدثة، وأنها قامت كما تقوم الحكومات على أساس القوة والسيف. " (3) إلى غير ذلك من الكلمات، فراجع.
2 - وقال القاضي أبو يعلى:
" والإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما باختيار أهل الحل والعقد. والثاني بعهد الإمام من قبل... وروي عنه (أي عن أحمد) ما دل على أنها تثبت بالقهر والغلبة