بالمعروف ونهيت عن المنكر. " ففيها إشارة إلى أن قيامه (عليه السلام) في قبال حكومة يزيد كان لإجراء فرائض الإسلام، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقوله (عليه السلام) في الحديث: " فاستخففتم بحق الأئمة "، لعله من جهة أن الإمامة الكبرى في تلك الأعصار كانت متعينة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وبعده للحسنين (عليهما السلام)، فكان الواجب على العلماء المخاطبين في الحديث إعانة الإمام وتقويته، والتصدي للأعمال من قبله حتى لا يتسلط الجبابرة، وهم قد تركوا هذا الواجب.
ويحتمل ضعيفا أن يكون المراد به أن الإمامة وشؤونها كانت حقا للعلماء، فاستخففتم بحق الإمامة، أي تركتموها لغير أهلها.
ويحتمل أيضا أن تكون كلمة: " الأئمة " مصحف: " الأمة ". ويؤيد ذلك التفريع عليه بقوله: " فأما حق الضعفاء فضيعتم. " وقوله: " غلبتم عليه من منازل العلماء "، مبني للمفعول كما يظهر بالدقة فيما بعده من قوله: " فأنتم المسلوبون تلك المنزلة. " وأما قوله: " مجاري الأمور "، فالمجاري إما جمع للمصدر الميمي، أو لاسم المكان.
فإن المجاري المتشعبة لجريان الأمور يجب أن تنتهي في النهاية إلى العلماء.
وإضافة " العلم " إلى الله من جهة أن العلم به - تعالى - إذا تحقق واقعا تعقبه العلم والعمل بتكاليفه.
ويشهد بذلك قوله - تعالى -: " إنما يخشى الله من عباده العلماء. " (1) إذا الظاهر منه العلم بالله، المنتج عن العلم بآياته، كما يشهد بذلك سياق الآية، حيث عد فيها آيات الله - تعالى - في نظام التكوين. والعلم بالآيات بما هي آيات له يوجب العلم بقدرته وسطوته، فيوجب الخشية قهرا.
وقوله: " الأمناء على حلاله وحرامه "، يدل على العلم بالأحكام، وحفظها عن التغيير والتأويل، فإنه مقتضى الأمانة.
وقوله: " شاغرة " من شغرت الأرض، أي لم يبق لها من يحميها ويضبطها.