بحسب العادة والطبع يحكمون على المجتمع، والناس تبع لهم قهرا، من غير فرق بين المذاهب والملل. ففي كل مذهب يكون الحاكم على عقولهم وأفكارهم علماؤهم، بل لا ينحصر ذلك في علم الدين أيضا. فالجملة نظير قوله (عليه السلام): " العلم حاكم والمال محكوم عليه. " (1) الثاني: أن تحمل على الإنشاء ويراد بها جعل منصب الحكومة والولاية للعلماء، نظير جعلها لأمير المؤمنين (عليه السلام) في غدير خم بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من كنت مولاه فعلى مولاه. " الثالث: أن تحمل على الإنشاء أيضا ويراد بها التكليف، أي إيجاب انتخاب العلماء للحكومة وتعينهم لذلك بحسب حكم الشرع.
فعلى الأخيرين يرتبط الحديث بالمقام، وأما على الأول فلا ربط له به.
ومقتضى الاحتمال الثاني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الجملة جعل منصب الحكومة لجميع العلماء. فلو كان في عصر واحد ألف عالم مثلا يكون جميعهم حكاما بجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) ونصبه. وهذا بعيد، بل لعله مقطوع الفساد، مع أن اللفظ مطلق يعم علماء الدين وغيرهم، وعلماء الإسلام وسائر الأديان، والعدول من العلماء والفساق منهم.
فنظير هذه الرواية ما رواه في البحار عن كنز الكراجكي، قال: قال الصادق (عليه السلام):
" الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك. " (2) ولا يخفى أن قوله: " الملوك حكام على الناس "، يراد به الاخبار قطعا. فلعله قرينة على إرادة الإخبار في الجملة الثانية أيضا، لوحدة السياق. فيكون المراد أن الملوك حكام على الناس خارجا كما يرى، والعلماء نافذون مؤثرون في الملوك وفي آرائهم قهرا، إما للإيمان بهم، أو كونهم مجبورين في الأغلب على الالتفات إليهم وإلى