آرائهم والاحترام لهم لجلب رضى الأمة وجذبهم، أو لاحتياجهم إلى علمهم في إدارة شؤون الأمة ورفع حوائجها ولا سيما إذا أريد بالعلم الأعم من علم الدين ومن سائر العلوم.
وعلى هذا فالروايتان أجنبيتان عن المقام، وإنما تعرضنا لهما تبعا للقوم.
23 - ما رواه في تحف العقول من قوله (عليه السلام): " مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه. " وحيث إن الحديث يشتمل على مضامين عالية ناسب المقام نقله بتمامه فنقول:
روى في تحف العقول عن السبط الشهيد (عليه السلام)، قال: ويروى عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
" اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار، إذ يقول:
" لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الاثم. " (1) وقال: " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل - إلى قوله - لبئس ما كانوا يفعلون. " (2) وإنما عاب الله ذلك عليهم، لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد، فلا ينهونهم عن ذلك، رغبة فيما كانوا ينالون منهم، ورهبة مما يحذرون، والله يقول: " فلا تخشوا الناس واخشون. " (3) وقال: " المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. " (4) فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه، لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلها، هينها وصعبها. وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام، مع رد المظالم، ومخالفة الظالم، وقسمة الفيء والغنائم، وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها.
ثم أنتم أيتها العصابة، عصابة بالعلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة معروفة، وبالله في أنفس الناس مهابة، يهابكم الشريف، ويكرمكم الضعيف، ويؤثركم من لافضل لكم عليه ولا يد لكم عنده. تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة