أقول: الشغب: تهييج الفساد. والاستعتاب: الاسترضاء.
وقد مر آنفا أن قوله: " أحق "، منسلخ عن معنى التفضيل، أو يكون التفضيل بلحاظ الجدل، كما مر.
وكيف كان فالمزية تبلغ حد الإلزام، نظير قوله - تعالى -: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "، المستشهد به في الأخبار والفتاوى على ترتيب طبقات الإرث، وظاهر أن الترتيب فيها على حد اللزوم والتعين.
لكن في شرح ابن أبي الحديد المعتزلي:
" وهذا لا ينافي مذهب أصحابنا البغداديين في صحة إمامة المفضول، لأنه ما قال:
إن إمامة غير الأقوى فاسدة، ولكنه قال: إن الأقوى أحق، وأصحابنا لا ينكرون انه - عليه السلام - أحق ممن تقدمه بالإمامة، مع قولهم بصحة إمامة المتقدمين، لأنه لا منافاة بين كونه أحق وبين صحة إمامة غيره. " (1) أقول: يرد عليه ما مر من كون المزية موجبة للأحقية على حد الإلزام، ولذا عقبها الله - تعالى - بالتوبيخ في سورة يونس بقوله: " فما لكم، كيف تحكمون. " كما أن الأولوية في آية: " أولوا الأرحام " وترتيب طبقات الإرث كذلك.
كيف؟! ولو لم تكن الأحقية ملزمة لم يكن وجه لقتال الشاغب الآبي عن الرضا و قد قال (عليه السلام): " فإن أبى قوتل. " والظاهر أن المراد بالقوة هو القدرة على الولاية المفوضة اليه بشؤونها المختلفة، فتشمل كمال العقل والتدبير والشجاعة وحسن السياسة والإدارة، كما لا يخفى.
3 - ما في كتاب سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " أفينبغي أن يكون الخليفة على الأمة إلا أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه، وقد قال الله: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى. " وقال: " وزاده بسطة في العلم والجسم. " وقال: " أو أثارة من علم. " (2)