لنرى المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك، فإنكم إن لا تنصرونا وتنصفونا قوى الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيكم، وحسبنا الله، وعليه توكلنا، واليه أنبنا، وإليه المصير. " (1) وذكر قطعتان من الرواية في نهج البلاغة بتفاوت ما. (2) ويظهر من الحديث الشريف شدة اهتمام الشارع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمفهومهما الوسيع، ولذا رتب عليهما رد المظالم، ومخالفة الظالم، وقسمة الفيء والغنائم، وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقها.
وأنت تعلم أن اجراء هما بهذه السعة يقتضي تحصيل القدرة وإقامة الدولة الحقة، و لذا قلنا سابقا إن نفس أدلة الجهاد والدفاع عن بيضة الإسلام، وأدلة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من أقوى الأدلة على لزوم إقامة الدولة الحقة.
وبالجملة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمفهومهما الوسيع بمعنى إشاعة المعروف والعدل وقطع جذور المنكر والفساد، يلازمان الحكومة العادلة، وإذا تركا خلا الجو والمحيط قهرا لتسلط الأشرار ودولتهم، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته المعروفة قبل وفاته: " لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم. " (3) فتسلط الأشرار أثر طبيعي لتفرق الناس وعدم مراقبة بعضهم لبعض وعدم اهتمامهم بما يجري في المجتمع، فتدبر.
والعجب من أهل التخاذل والتواكل، كيف أغمضوا عن الآيات والأخبار الكثيرة الواردة من طرق الفريقين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو تلاعبوا بها و حصروها في الأمر والنهي الواقعين خفية في الموارد الجزئية؟! مع أن الظاهر من بعض الأخبار كون الجهاد بسعته شعبة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي زيارة السبط الشهيد (عليه السلام): " أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت