باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
النكاح المؤجل مباح في شريعة الاسلام مأذون فيه مشروع بالكتاب والسنة المتواترة وبإجماع المسلمين، إلا أن بعضهم ادعى نسخه فيحتاج في دعواه إلى تصحيحها ودون ذلك خرط القتاد، وأيضا فقد ثبت بالأدلة الصحيحة أن كل منفعة لا ضرر فيها في عاجل ولا آجل مباحة بضرورة العقل، وهذه صفة نكاح المتعة فيجب إباحته بأصل العقل.
فإن قيل: من أين لكم نفي المضرة عن هذا النكاح في الأجل والخلاف في ذلك؟ قلنا: من ادعى ضررا في الأجل فعليه الدليل، وأيضا فقد قلنا: إنه لا خلاف في إباحتها من حيث إنه قد ثبت بإجماع المسلمين أنه لا خلاف في إباحة هذا النكاح في عهد النبي ع بغير شبهة، ثم ادعى تحريمها من بعد ونسخها ولم يثبت النسخ وقد ثبتت الإباحة بالإجماع، فعلى من ادعى الحظر والنسخ الدلالة.
فإن ذكروا الأخبار التي رووها في أن النبي ع حرمها ونهى عنها.
فالجواب عن ذلك أن جميع ما يروونه من هذه الأخبار إذا سلمت من المطاعن والتضعيف أخبار آحاد، وقد ثبت أنها لا توجب عملا في الشريعة ولا يرجع بمثلها عما علم وقطع عليه، وأيضا قوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، ولفظ استمتعتم لا يعدو وجهين: إما أن يراد بها الانتفاع والالتذاذ الذي هو أصل موضوع اللفظة أو العقد المؤجل المخصوص الذي اقتضاه عرف الشرع ولا يجوز أن يكون المراد هو الوجه الأول لأمرين:
أحدهما: أنه لا خلاف بين محصلي من تكلم في أصول الفقه في أن لفظ القرآن إذا ورد وهو محتمل لأمرين: أحدهما وضع أصل اللغة والآخر عرف الشريعة، فإنه يجب حمله على عرف الشريعة، ولهذا حملوا كلهم لفظ صلاة وزكاة وصيام وحج على العرف الشرعي دون الوضع اللغوي.
والأمر الآخر: أنه لا خلاف في أن المهر لا يجب بالالتذاذ لأن رجلا لو وطئ زوجته ولم يلتذ بوطئها لأن نفسه عافتها أو كرهتها أو لغير ذلك من الأسباب لكان دفع المهر واجبا وإن كان