باب الرضاع ومقدار ما يحرم من ذلك وأحكامه:
الذي يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم وشد العظم على ما قدمناه، فإن علم ذلك وإلا كان الاعتبار بخمس عشرة رضعة، على الأظهر من الأقوال، وقد حكينا الخلاف في ذلك فيما مضى فلا وجه لإعادته إلا أنا اخترنا هناك التحريم بعشر رضعات وقويناه، والذي أفتى به وأعمل عليه الخمس عشرة رضعة لأن العموم قد خصصه جميع أصحابنا المحصلين والأصل الإباحة والتحريم طارئ فبالإجماع من الكل يحرم الخمس عشرة رضعة، فالتمسك بالإجماع أولى وأظهر فإن الحق أحق أن يتبع.
وحد الرضعة ما يروى الصبي دون المصة، وتكون الرضعات متواليات لم يفصل بينهن برضاع امرأة أخرى، فإن لم يفصل برضاع امرأة أخرى بل فصل بينهن بوجود الصبي اللبن أو بحقنته ذلك فلا يعتد بذلك في الفصل، فإن لم ينضبط العدد اعتبر برضاع يوم وليلة إذا لم يرضع امرأة أخرى.
فمتى كان الرضاع أقل مما ذكرناه مما لا ينبت اللحم ولا يشد العظم، أو كان أقل من خمس عشرة رضعة، أو مع استيفاء العدد قد فصل بينهن برضاع امرأة أخرى، أو كان أقل من يوم وليلة لمن لا يراعي العدد، أو مع تمام يوم وليلة دخل بينه رضاع امرأة أخرى، فإن ذلك لا يحرم ولا تأثير له في التحريم، والمحرم من ذلك أن يكون الرضاع في مدة الحولين من عمر الصبي المرتضع، فإن كان بعض الرضعات في مدة الحولين وبعضها بعدهما فلا تأثير لذلك في التحريم.
وكذلك إن كانت المرأة المرضعة قد ماتت وتمم العدد بعد موتها فلا تأثير أيضا لذلك في التحريم، فإن حصل الرضاع أو بعضه بعد الحولين سواء كان قبل فطام المرتضع أو بعده قليلا كان أو كثيرا فإنه لا يحرم.
وكذلك إن در لبن امرأة ليست مرضعة فأرضعت صبيا أو صبية فإن ذلك لا تأثير له في التحريم، وإنما التأثير للبن الولادة من النكاح المباح المشروع فحسب دون النكاح الحرام والفاسد ووطئ الشبهة،