والأولى أن يقال: أن اليسار ليس بشرط في صحة العقد وإنما للمرأة الخيار إذا لم يكن موسرا بنفقتها ولا يكون العقد باطلا بل الخيار إليها، وليس كذلك خلاف الإيمان الذي هو الكفر إذا بان كافرا فإن العقد باطل ولا يكون للمرأة الخيار كما كان لها في اليسار، فليلحظ ذلك ويتأمل فقد يوجد في كثير من الكتب المصنفة إطلاق ذلك وأن الكفاءة المعتبرة في صحة النكاح عندنا أمران: الإيمان والنفقة، وتحريره ما ذكرناه وبيناه.
فعلى هذا التحرير. يجوز للعجمي أن يتزوج بالعربية وللعامي أن يتزوج بالهاشمية، لأن الرسول ع زوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وهي بنت عمه ع المقداد بن عمرو وهو عامي النسب بغير خلاف.
وكذلك يجوز للعبد أن يتزوج بحرة، ويجوز للفاسق أن يتزوج بالعفيفة ولا يفسد العقد وإن كان تركه أفضل، ولا بأس بتزويج أرباب الصنائع الدنيئة من الحياكة والحجامة والحراسة وغير ذلك بأهل المروءات والبيوتات كالتجار والتناء والولاة ونحو ذلك.
لقول الرسول والأئمة ع: المؤمنون بعضهم أكفاء لبعض في عقد النكاح كما أنهم متكافئون في الدماء، إلا ما خرج بالدليل من أن العبد ليس بكف ء للحر في القصاص.
وروي أنه إذا خطب المؤمن إلى غيره بنته وكان عنده يسار بقدر نفقتها وكان ممن يرضى أفعاله وأمانته ولا يكون مرتكبا لشئ يدخل به في جملة الفساق وإن كان حقيرا في نسبه قليل المال فلم يزوجه إياها كان عاصيا لله تعالى مخالفا لسنة نبيه ص.
ووجه الحديث في ذلك، أنه إنما يكون عاصيا إذا رده ولم يزوجه لما هو عليه من الفقر والأنفة منه لذلك واعتقاده أن ذلك ليس بكف ء في الشرع، فأما إن رده ولم يزوجه لا لذلك بل لأمر آخر وغرض غير ذلك من مصالح دنياه فلا حرج عليه ولا يكون عاصيا، فهذا فقه الحديث.
ويستحب للإنسان إذا أراد التزويج أن يطلب ذوات الدين والأبوات والبيوتات والأصول الكريمة على الشياع والمتعارف بين الناس، لقول الرسول ع: تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس، وقوله ع: استجيدوا الأخوال، وقوله ع: عليك بذات الدين تربت يداك وهذا دعاء بمعنى الدعاء له