فتترك ما يجب لها من نصف الصداق، وهو قول ابن عباس ومجاهد وجميع أهل العلم. وقوله: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، قال مجاهد والحسن وعلقمة: إنه الولي، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ع غير أنه لا ولاية لأحد عندنا إلا الأب والجد على البكر غير البالغ، فأما من عداهما فلا ولاية له إلا بتولية منها، وروي عن علي ع وسعيد بن المسيب وشريح و حماد وإبراهيم وأبي حذيفة وابن شبرمة: أنه الزوج، وروي ذلك أيضا في أخبارنا غير أن الأول أظهر وهو المذهب وفيه خلاف بين الفقهاء، ومن جعل العفو للزوج قال: له أن يعفو عن جميع نصفه، ومن جعله للولي قال أصحابنا: له أن يعفو عن بعضه وليس له أن يعفو عن جميعه وإن امتنعت المرأة من ذلك لم يكن لها ذلك إذا اقتضت المصلحة، ذلك عن أبي عبد الله. واختار الجبائي أن يكون المراد به الزوج قال: لأنه ليس للولي أن يهب مال المرأة، هذا آخر كلامه في كتاب التبيان.
والذي يقوى في نفسي وتقتضيه أصول المذهب ويشهد بصحته النظر والاعتبار والأدلة القاهرة والآثار أن الأب أو الجد من قبله مع حياته أو موته إذا عقد على غير البالغ فلهما أن يعفوا عما تستحقه من نصف المهر بعد الطلاق إذا رأيا ذلك مصلحة لها وتكون المرأة وقت عفوهما غير بالغ، فأما من عداهما أو هما مع بلوغها ورشدها فلا يجوز لهما العفو عن النصف وصارا كالأجانب لأنهما في هذه الحال لا ولاية لهما عليها وهي الوالية على نفسها، ولا يجوز لأحد التصرف في مالها بالهبة والعفو وغير ذلك إلا عن إذنها لأن التصرف في مال الغير لا يجوز عقلا وسمعا إلا باذنه، وليس في الآية أن يعلق بها متعلق سوى ما ذكرناه لأنه تعالى قال: إلا أن يعفون، فدل بهذا القول إنهن ممن لهن العفو وهن الحرائر البالغات الواليات على أنفسهن في العقد والعفو والبيع والشرى وغير ذلك، ثم قال: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، معناه إن لم يكن بالغات ولا واليات على أنفسهن فعند هذه الحال لا يلي عليهن عندنا سوى الأب والجد بغير خلاف بيننا وهما الواليان عليهن والناظران في عقد نكاحهن فلهما العفو بعد الطلاق عما تستحقه، ولأن الاجماع حاصل منعقد على ما ذكرناه وفيما عداه خلاف، فالاحتياط يقتضي ما ذكرناه ودليل العقل يعضد ما اخترناه إذ لا إجماع من أصحابنا على خلاف ما شرحناه ولا تواتر من الأخبار على ضد ما بيناه،