وقول شيخنا أبي جعفر الطوسي مختلف على ما بيناه في كتبه وحكيناه، وأقوال المفسرين مختلفة على ما سطرناه، ولولا الاجماع من أصحابنا على أن الذي بيده عقدة النكاح الأب والجد على غير البالغ لكان قول الجبائي قويا مع أنه قد روي في بعض أخبارنا أنه الزوج.
وروي أنه إذا كان لرجل عدة بنات فعقد لرجل على واحدة منهن ولم يسمها بعينها لا للزوج ولا للشهود، فإن كان الزوج قد رآهن كلهن كان القول قول الأب وعلى الأب أن يسلم إليه التي نوى العقد عليها عند عقدة النكاح، وإن كان الزوج لم يرهن كلهن كان العقد باطلا.
ذكر ذلك شيخنا في نهايته وعاد عنه في مبسوطه وضعفه وقال: النكاح باطل في الموضعين، وهو الذي يقوى في نفسي لأن العقد حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، ومن شرط صحته تمييز المعقود عليها ولأنه إذا ميزها من غيرها صح العقد بلا خلاف، وإذا لم يميزها ليس على صحته دليل أو فيه خلاف، فالاحتياط يقتضي ما قلناه واخترناه وإنما أورد الخبر شيخنا في نهايته إيرادا لا اعتقادا كما أورد أمثاله مما لا يعمل به رواها أبو عبيدة فحسب.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه في فصل فيما ينعقد به النكاح: لا يصح النكاح حتى تكون المنكوحة معروفة بعينها على صفة تكون متميزة عن غيرها وذلك بالإشارة إليها أو التسمية أو الصفة، وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: لا يصح نكاح الثيب إلا بإذنها وإذنها نطقها بلا خلاف، وأما البكر فإن كان لها ولي له الإجبار مثل الأب والجد فلا يفتقر نكاحها إلى إذنها ولا إلى نطقها، فإن لم يكن له الإجبار كالأخ وابن الأخ والعم فلا بد من إذنها، والأحوط أن يراعى نطقها وهو الأقوى عند الجميع، وقال قوم: يكفي سكوتها لعموم الخبر، وهو قوي، هذا آخر كلامه رحمه الله.
والذي يقوى في نفسي أنه لا بد من نطقها على ما قدمناه لأنا قد بينا أنه لا ولاية لأحد بعد البلوغ عليها بحال.
لا ينعقد النكاح إلا بلفظ النكاح أو التزويج، وهو أن يقع الإيجاب والقبول بلفظة واحدة أو الإيجاب بإحداهما والقبول بالأخرى فتقول: أنكحتك، فيقول: قبلت النكاح.