فلا حاجة به إلى استئمارها. قلنا: بل يستحب أن يستأمرها عند العقد بعد ذلك، وكذلك الأب إذا لم يكن وليا عليها ولا له إجبارها على النكاح وولت أمرها إليه فإنه يستحب له أن يستأمرها إذا أراد العقد عليها، وهذا معنى ما روي: أن إذنها صماتها، وإلا السكوت لا يدل في موضع من المواضع على الرضا إلا إذا لم يكن له وجه إلا الرضا فإنه يدل حينئذ على الرضا.
وذهب شيخنا أبو جعفر في مبسوطه في فصل في ذكر أولياء المرأة إلى ما ذكرناه وحقق ما حررناه، فقال: وأما الأبكار فلا يخلو أن تكون صغيرة أو كبيرة، فإن كانت صغيرة كان لأبيها وجدها أبي أبيها وإن علا أن يزوجها لا غير، وإن كانت كبيرة فالظاهر في الروايات أن للأب والجد أن يجبراها على النكاح، ويستحب له أن يستأذنها وإذنها صماتها وإن لم يفعل فلا حاجة به إليها، هذا آخر قول شيخنا في مبسوطه.
وإذا ولت المرأة غيرها العقد عليها وسمت له رجلا بعينه لم يجز له العقد لغيره عليها، فإن عقد لغيره كان العقد باطلا.
وإذا عقد الرجل على ابنه وهو صغير وسمى مهرا ثم مات الأب كان المهر من أصل تركته قبل القسمة، سواء رضي الابن بالعقد بعد بلوغه أو لم يرض لأنه لما عقد عليه ولا مال للابن فقد ضمن الأب المهر، فانتقاله إلى الابن بعد بلوغه ورضاه يحتاج إلى دليل، إلا أن يكون للصبي مال في حال العقد فيكون المهر من مال الابن دون الأب لأنه الناظر في مصالحه والوالي عليه في تلك الحال، فأما الموضع الذي أوجبنا المهر في مال الأب فدليله إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فإنه لما قبل النكاح لولده مع علمه بإعساره وعلمه بلزوم الصداق بعقد النكاح علمنا من حيث العرف والعادة أنه دخل على أن يضمن فقام العرف في هذا مقام نطقه.
وحد الجارية التي يجوز لها العقد على نفسها أو يجوز لها أن تولى من يعقد عليها تسع سنين فصاعدا مع الرشد والسلامة من زوال العقل، فإن بلغت إلى ذلك الحد وهي مجنونة أو زائلة العقل فإن ولاية الأب غير زائلة.
ومتى عقدت الأم لابن لها على امرأة كان مخيرا في قبول العقد والامتناع منه، فإن قبل