آخر كلام شيخنا في مسائل خلافه.
والذي ذهب إليه رحمه الله في مسائل الخلاف هو الصحيح والحق الصريح للأدلة التي استدل بها فإنها أدلة مرضية لا اعتراض عليها، وما ذكره في نهايته أورده إيرادا لا اعتقادا من طريق أخبار الآحاد وأخبار الآحاد لا تترك لها الأدلة القاطعة للأعذار.
ومتى مات أحد الزوجين قبل الدخول استقر جميع المهر كاملا لأن الموت عند محصلي أصحابنا يجري مجرى الدخول في استقرار المهر جميعه.
وهو اختيار شيخنا المفيد في أحكام النساء، وهو الصحيح لأنا قد بينا بغير خلاف بيننا أن بالعقد تستحق المرأة جميع المهر المسمى ويسقط الطلاق قبل الدخول نصفه، فالطلاق غير حاصل إذا مات فبقينا على ما كنا عليه من استحقاقه، فمن ادعى سقوط شئ منه يحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك من إجماع لأن أصحابنا مختلفون في ذلك، ولا من كتاب الله تعالى ولا تواتر أخبار ولا دليل عقل بل الكتاب قاض بما قلناه والعقل حاكم بما اخترناه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى مات الرجل عن زوجته قبل الدخول بها وجب على ورثته أن يعطوا المرأة المهر كاملا، ويستحب لها أن تترك نصف المهر فإن لم تفعل كان لها المهر كله، وإن ماتت المرأة قبل الدخول بها كان لأوليائها نصف المهر، وإن ماتت بعد الدخول بها ولم تكن قبضت المهر على الوفاء ولا طالبت به مدة حياتها فإنه يكره لأوليائها المطالبة بعدها فإن طالبوا به كان لهم ذلك ولم يكن محظورا. وهذه أخبار آحاد أوردها رحمه الله في نهايته إيرادا لا اعتقادا فلا يرجع عن الأدلة القاهرة اللائحة والبراهين الواضحة بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا.
ومتى تزوج الرجل امرأة على كتاب الله وسنة نبيه ولم يسم مهرا كان مهرها خمس مائة درهم لا غير، فإن تزوج الرجل امرأة على حكمها فحكمت بدرهم إلى خمس مائة كان حكمها ماضيا فإن حكمت بأكثر من ذلك رد إلى الخمس مائة درهم لأنه حكمها فلا تتعدى السنة، وهذا إجماع من أصحابنا. وإن تزوجها على حكمه فبأي شئ حكم به كان له قليلا كان أو كثيرا.