وقد يستدل لذلك بأن الاكراه يمنع عن انتشار العضو وانبعاث القوى لتوقفهما على الميل النفساني المنافي لانصراف النفس عن الفعل.
ويقرب منه ما ذكره في كشف اللثام في مقام التعليل وهو قوله: لعدم انتشار الآلة إلا عن الشهوة المنافية للخوف.
ويرجع هذا الكلام إلى أن المكره كالعنين فكما لا يمكن حمل العنين على الوطي كذلك لا يمكن حمل المكره على ذلك.
وحاصل هذا الكلام والاستدلال أنه لو لم يكن له ميل نفساني فكيف حصل له الانتشار، فانتشار عضوه كاشف عن أنه كان مائلا إلى ذلك فلا يكون مكرها.
وفيه أنه لو كان معنى الاكراه هو خصوص حمل الشخص غيره قسرا على اتيان ما هو خلاف ميله الطبيعي النفساني لتم الاستدلال وورد الاشكال.
أما لو كان المراد حمله على العمل الذي لا يميل إليه عادة بل يتركه ويحترز عنه بالنظر إلى تكليفه الشرعي وما يعتنقه من العقائد الدينية فهذا ممكن وذلك لكون العزيزة النفسانية مستعدة قوية. وعليه فيمكن أن يكون الانسان بحيث لا يرضى بمعصية الله سبحانه حتى في حين كونه مكرها ومع ذلك يحصل له الانتشار بمقتضى غريزته الشهوية والميل النفساني المركوز في ذاته، ولولا الاكراه والتهديد لما ارتكب ذلك أصلا بل كان يردعه خوف الله تعالى مع الانتشار كما قد وقع مثل ذلك في الحالات العادية حيث عزم على المعصية وانتشر عضوه ولكنه تركها وردعه خوف الله سبحانه حينما كان مشرفا على الوقوع فيها إلا أن القوة القاسرة حمله على الارتكاب، وهذا هو الذي أشار إليه المحقق بقوله: لما يعرض له من ميل الطبع المزجور بالشرع.
وحاصل الكلام في المقام إن الاكراه هو حمل الغير على خلاف إرادته.
وميله وهو على قسمين فتارة يكون حملا له على خلاف إرادته الناشئة من القوى الحيوانية وأخرى يكون حملا له على خلاف إرادته الناشئة عن دينه وايمانه، وبلحاظ الاطلاق الثاني يتحقق الاكراه وإن كان بلحاظ الأول لا يمكن ذلك.