وهكذا بالنسبة إلى عقد الإجارة بأن استأجر امرأة للوطي زاعما أنها عليه بذلك فإنه لا يحد حينئذ خصوصا بلحاظ ما ورد من التعبير بالأجر عما يدفع إليهن في الاستمتاع كقوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة (1). وعلى الأخص بلحاظ إن العامة يفسرون آيات القرآن الكريم بما يبدو في أذهانهم بلا مراجعة إلى أهل بيت الوحي والتنزيل، وعلى الجملة فلو تخيل لأجل هذه الأمور أنه يباح استيجارهن لذلك فأنشأ عقد الإجارة فإنه كاف في سقوط الحد.
ونظير ذلك ما إذا تخيل واعتقد أنه يجوز للمرأة أن تهب نفسها لرجل وتباح له بذلك حيث رأى جواز ذلك بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله لقوله تعالى: وامرأة مؤمنة وهبت نفسها للنبي (2) فزعم أن ذلك حكم عام يشمل النبي صلى الله عليه وآله وغيره ولا يختص به فإنه لو وطئها والحال هذه فلا حد عليه.
وكيف كان فبطلان ما ذكره أبو حنيفة بمكان من الوضوح وقد ردوا عليه في كلماتهم.
قال العلامة أعلى الله مقامه: لو تزوج من يحرم عليه نكاحها كالأم والبنت والأخت والمرضعة وذات البعل والمعتدة وزوجة الأب أو الابن كان العقد باطلا بالاجماع فإن وطئها مع علمه بالتحريم وجب عليه الحد، ولا يكون العقد وحده شبهة في سقوط الحد، ولو وطئ جاهلا بالتحريم سقط الحد وهكذا كل نكاح أجمع على بطلانه كالخامسة والمطلقة ثلاثا، أما النكاح المختلف فيه كالمجوسية فإنه لا حد فيه وهكذا كل نكاح توهم الواطي الحل فيه، ولو استأجرها للوطي وجب الحد ولم يسقط به إلا أن يتوهم الحل به انتهى (3).