بعض أصحابنا يا أبا عبد الله فما هذه الحدود التي إذا أقر بها عند الإمام مرة واحدة على نفسه أقيم عليه الحد فيها؟ فقال: إذا أقر على نفسه عند الإمام بسرقة قطعه فهذا من حقوق الله وإذا أقر على نفسه أنه شرب خمرا فهذا من حقوق الله قال: وأما حقوق المسلمين فإذا أقر على نفسه عند الإمام بفرية لم يحده حتى يحضر صاحب الفرية أو وليه وإذا أقر بقتل رجل لم يقتله حتى يحضر أولياء المقتول فيطالبوا بدم صاحبهم (1).
فهذه من جهة الفرق بين الحقوق وأنه يقدم الحاكم بنفسه في حقوق الله بخلاف حقوق الناس فإنها مفوضة إلى نظر صاحب الحق ومطالبته.
وأما من جهة عمل الحاكم بعلمه فلا دلالة لها عليه إلا من حيث حكمه عليه السلام بكفاية الاقرار مرة واحدة حتى في مثل الزنا لأنه قد استثنى خصوص الزنا المحصن فإن الاكتفاء بالاقرار مرة واحدة مخالف لما هو المسلم من الروايات من اعتبار الأربعة في مثل الزنا فلا بد من حمل هذه الرواية على ما إذا كان الإمام عالما بنفسه بحيث لم يكن لاقراره أثر في الحكم أو يحمل على حصول العلم باقراره مرة واحدة، وإن كان يلزم من هذا، الالتزام بكفاية علم الحاكم في الحكم مطلقا وإن كان ناشيا من اقرار المقر بالزنا بالمرة الأولى وهذا مشكل لأني لم أعثر على من صرح بالاجتزاء بذلك وعدم الحاجة إلى المرة الثانية والثالثة والرابعة.
وعن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أقر على نفسه عند الإمام بحق أحد من حقوق المسلمين فليس على الإمام أن يقيم عليه الحد الذي أقر به عنده حتى يحضر صاحبه حق الحد أو وليه ويطلبه بحقه (2)..
وهذه أيضا تدل على أن إقامة حد الناس منوطة بمطالبة صاحبه.
وعن الحسين بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه الحد