من تردد شهادته ومع ذلك أقدموا على إقامة الشهادة عالمين بأنها مردودة لعدم كونها واجدة لشرائط القبول، وهذا بخلاف الثاني وهو ما إذا كان جهة الرد أمر خفيا. فهنا لا يحد الشهود لأنهم لا يعلمون بهذا الأمر حيث كان خفيا وإلا للزم عدم اقدام أحد على الشهادة نعم يحد المردود شهادته بنفسه وذلك لفسقه.
قال الشيخ في الخلاف: إذا شهد الأربعة على رجل بالزنا فردت شهادة واحد منهم فإن ردت بأمر ظاهر لا يخفى على أحد فإنه يجب على الأربعة حد القذف وإن ردت بأمر خفي لا يقف عليه إلا آحادهم فإنه يقام على المردود الشهادة الحد والثلاثة لا يقام عليهم الحد.. دليلنا أن الأصل براءة الذمة ولا دليل على أنه يجب على هؤلاء الحد وأيضا فإنهم غير مفرطين في إقامة الشهادة فإن أحدا لا يقف على بواطن الناس فكان عذرا في إقامتها فلهذا لا حد ويفارق إذا كان الرد بأمر ظاهر لأن التفريط كان منهم فلهذا حدوا والدليل على أن مع الرد بأمر ظاهر يجب الحد قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، وهذا ما أتى بأربعة شهداء لأن من كان ظاهره ما يوجب الرد لا يكون شاهدا (1).
وقال في المبسوط: فإن ردت بأمر ظاهر مثل إن كان مملوكا أو امرأة أو كافرة أو ظاهر الفسق فإن حكم المردود شهادته قال قوم: يجب عليه الحد وقال آخرون: لا يجب وكذلك اختلفوا في الثلاثة.. والأقوى عندي أن عليهم الحد، وإن كان الرد بأمر خفي قبل أن بحث الحاكم فوقف على باطن يرد به الشهادة فالمردود الشهادة قال قوم: لا حد عليه وهو الأقوى والثلاثة قال قوم: لا حد عليهم أيضا وهو الأقوى عندي ومنهم من قال: عليهم الحد لأن نقصان العدالة كنقصان العدد والأول أقوى لأنهم غير مفرطين في إقامتها فإن أحدا لا يقف على بواطن الناس فكان عذرا في إقامتها فلهذا لا حد، ويفارق هذا إذا كان الرد بأمر ظاهر، لأن التفريط كان منهم فلهذا حدوا عند من قال بذلك.