وبه قال الشافعي إلا أنه لا يفصل وقال أبو حنيفة: لا حد في شئ من هذا حتى قال: لو استأجر امرأة ليزني بها فزنى بها لا حد عليه، فإن استأجرها للخدمة فوطئها فعليه الحد. دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم وأيضا قوله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آبائكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة. إلى آخر كلامه (1).
وقد يوجه كلامه بإرادة ما لا يعلم حرمته يقينا وإن كان هو حراما بمقتضى الاجتهاد.
ولكن كلامه يأبى عن ذلك بل هو يقول بأن مجرد العقد أي عقد نكاح المحرمات أو استيجار المرأة للوطئ كاف في حصول الشبهة وسقوط الحد.
والذي يسهل الخطب أنه لا مورد لتوجيه كلام أبي حنيفة بعد أن نعلم ما هو المعهود منه من الفتاوى الفاسدة والآراء والنظرات الباطلة المخالفة لضرورة الدين مثل حكمه بالحاق الولد بالرجل إذا كانت زوجته قد حملت في أيام سفره، فلا بعد أصلا من مثله أن يقول بأن العقد ينهض شبهة في سقوط الحد.
نعم ما ذكر في هذا التوجيه في نفسه كلام حسن في الجملة ووجيه في بعض الموارد فإن من الممكن أن يكون العقد سببا للشبهة ودرء الحد كما إذا فرض أن خبرا صحيحا دل على كفاية عشر رضعات في التحريم ومع ذلك قد تزوجها فإنها بحسب اجتهاده وإن كانت محرمة عليه إلا أن ذلك لا يوجب القطع بالحرمة فإن الخبر واجب العمل عنده ظاهرا وإلا فلا يخلو الأمر في الواقع من كفاية العشر فهي محرمة عليه أو اعتبار خمس عشر رضعة فهي عليه حلال وهذه هي الشبهة لأن الزنا هو الوطي غير المستحق وهذا مشكوك فيه في المقام فيكون العقد كافيا في درء الحد (2).