ولكن مع ذلك لا يترك الاحتياط، بمراعاة الأمرين وذلك لما ذكرناه آنفا من أن هذا الغسل بمقتضى مقام الاستظهار هو الغسل المقرر للأموات بعد تحقق الموت لكنه قد قدم في المورد على الموت، وإذا استظهر كونه هو بنفسه فلا بد من مراعاة ما كان له من الشرائط ولا أقل من الاحتياط بمراعاته. لأن الغسل بالماء القراح يتحقق على كلا القولين وضم الغسل بالخليطين لا يبطل الغسل بالماء الخالص، وإن كان لو شك واقعا تجري أصالة البراءة عن الزائد لكن بلحاظ ما ذكرناه يحتاط بثلاثة أغسال على ما هو المعهود في غسل الأموات.
وإذا اغتسل قبل رجمه أو قتله فيترتب على غسله ما يترتب على غسل الأموات فلا يوجب مسه بعد ذلك الغسل لأن بدنه طاهر.
نعم هنا بحث وهو أن غسل الميت حيث يكون عقيب الموت يوجب زوال النجاسة الحاصلة بالموت فكان الميت قبل أن يغسل نجسا ويؤثر مسه بعد برده الغسل وإذا غسل يكون طاهرا ولا يوجب مسه الغسل، وأما إذا وقع الغسل قبل الموت فكيف يتصور أن يزيل النجاسة التي لم تحصل بعد.
اللهم إلا أن يقال في رفع الاشكال بأنه لا يحكم بنجاسة الميت الذي قد اغتسل قبل قتله بأمر الشارع ويكون غسله هذا مانعا عن حصول النجاسة وبعبارة أخرى: إنه قد يكون الغسل رافعا للنجاسة وقد يكون دافعا لها، والغسل بعد الموت في المورد المبحوث عنه من قبيل الدفع الذي هو المنع عن تقرر الشئ خارجا ويؤل الأمر إلى القول بأن الانسان يتنجس بالموت إلا الذي اغتسل قبل موته في الموارد الخاصة فإنه لا يتنجس أصلا.
وبعبارة ثالثة: إن الأمر يدور بين أن نقول بأن هذا المرجوم مثلا يتنجس بموته ولكن يجب دفنه كذلك تعبدا وعلى هذا فقد خصص دليل وجوب تطهير المؤمن قبل دفنه وكأنه قيل: إلا في المرجوم ويجب غسل الميت المسلم إلا في هذه الموارد المعينة، وبين أن نقول بأنه يلزم تطهير المسلم قبل دفنه وبعد موته إلا في المرجوم مثلا فإنه يغتسل قبل الموت لقيام الدليل على ذلك وعلى هذا فقد خصص دليل وجوب كون الغسل بعد الموت، والظاهر هو الثاني.