وكيف كان لا يمكن رفع اليد بهذه الرواية عن الأصل المسلم وهو قبول التوبة.
ثم إن الظاهر أنه لا فرق في النهي كراهة أو تحريما بين ثبوت الزنا بالاقرار أو البينة.
إلا أنه حكي عن الصيمري اختصاص الحكم بالأول قائلا إنه محل خلاف وإنه إذا قامت البينة فالواجب بدأة الشهود، ولأن النهي إنما ورد في صورة الاقرار.
ويرد على الوجه الثاني أنه لا عبرة بخصوص المورد بل العبرة بعموم الوارد، وموارد النهي في المقام وإن اختصت بالاقرار إلا أن النهي فيها وارد على سبيل العموم.
وأما الوجه الأول أعني وجوب بدأة الشهود بالرجم فيما إذا قامت البينة عليه فوجه الاستدلال به هو أنه إذا كان يجب على الشهود الابتداء بالرجم فكيف يقال: بأن من كان عليه الرجم فلا يرجم، وبعبارة أخرى: إن أدلة بدأة الشهود بالرجم لا يساعد بل ينافي الحكم بأنه لا يرجم من عليه الحد فلذا يختص هذا الحكم بمن ثبت زناه بالاقرار خاصة.
وفيه أن ذلك لا يوجب تخصيص الحكم بالاقرار فإن لنا عامين من وجه أحدهما إن من عليه الحد لا يرجم سواء كان قد ثبت الموجب بالاقرار أو بالبينة، والآخر: يجب بدأة الشهود بالرجم سواء كان عليهم حد أم لا، ولا وجه لتقديم الثاني على الأول وذلك لاحتمال العكس فتخصص أدلة وجوب البدأة بما إذا لم يكن على الشهود حد لله تعالى.
وفي الجواهر: ودليل بدأة الشهود لا يقتضي تخصيص النص والفتوى بما سمعت بل العكس أولى انتهى.
ومراده من العكس الذي جعله أولى، هو أن يكون النص والفتوى يقتضيان تخصيص أدلة بدأة الشهود فيقال إن الشهود يبتدأون إذ لم يكن عليهم حد لله سبحانه.