وتدل على ذلك أخبار أخرجها الوسائل في مقدمات الحدود فعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يقام الحد على المستحاضة حتى ينقطع الدم عنها (1).
وعن السكوني أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل أصاب حدا وبه قروح في جسده كثيرة فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اقروه حتى تبرا لا تنكؤها عليه فتقتلوه (2).
قوله عليه السلام لا تنكؤها الخ من نكأ القرحة أي قشرها قبل أن تبرأ وقوله عليه السلام: فتقتلوه، لا يراد به خصوصية القتل بل لزوم مطلق الأذية والضرر أيضا يمنع عن ذلك وكأنه عليه السلام قد ذكر القتل كي يخوف ويحذر المخاطبين أن يقعوا في هذا الأمر العظيم أي إن ذكر القتل لأجل أن يخافوا ولا يقربوا من اجراء الحد على المريض أصلا.
وعن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام إن أمير المؤمنين عليه السلام أتي برجل أصاب حدا وبه قروح ومرض وأشباه ذلك فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أخره حتى تبرأ لا تنكأ قروحه عليه فيموت ولكن إذا برأ حددناه (3).
فمقتضى هذه الأخبار إن المريض والمستحاضة لا يجلدان لأن في ذلك ضررا عليهما زائدا على أصل الحد وهو مظنة الخطر والتلف.
وهل للمرض موضوعية توجب أن يكون هو بنفسه سببا للتأخير ومقتضيا له أو أنه لا خصوصية له وإنما ذكر ذلك لكونه مظنة للخطر؟ وجهان.
وكيف كان فلا شك في أن المرض يوجب التأخير وقد حكم العلماء رضوان الله عليهم أجمعين بمقتضى اطلاق الروايات بأن المريض لا يجلد إلى أن يحصل له البرء.