أقول: وفيه أن ذلك لا يساعده دليل الشيخ وذلك لأنه علل ما ذكره بأن الشاهد الأول إما أن يكون قاذفا أو شاهدا لكنه ليس بقاذف وذلك لأنه لو كان قاذفا كان لا ينفع ضم شهود أخر إليه لكونه فاسقا مع أنه لو ضمت إليه الثلاثة لقبلت وحكم بالحد على المشهود عليه فإذا ثبت أنه ليس بقاذف بل هو شاهد فإذا لا يضره تأخير سائر الشهود من مجلس إلى مجلس آخر هذا وكان الشيخ لم يعمل بالرواية الدالة على اعتبار حضور الشهود كلهم عند إقامة الشهادة كي تتحقق الشهادات متعاقبة.
هذا ولكن الانصاف أنه يمكن استفادة اعتبار اجتماعهم قبل مقام الشهادة من كلام الشيخ وذلك لمكان قوله: وشهادتهم متفرقين أحوط.
بيان ذلك أن الاحتياط جار فيما أمكن ما يقابله أيضا حتى يكون الأول احتياطا وما يقابله خلاف الاحتياط، وفيما نحن فيه يكون تفريق الشهود أحوط، إذا أمكن التفريق والاجتماع كلاهما وذلك لا يتحقق إلا بأن يكون الشهود حاضرين عند إقامة الشهادة حتى يفرق الحاكم بينهم في أداءها، وأما إذا لم يكن بعضهم حاضرين فهو أمر قهري ولا يصدق عليه أنه احتياط، فمن ذلك يمكن أن يستفاد إن مراد الشيخ أيضا اعتبار حضورهم عند الإقامة جميعا الذي يعبر عنه بالمجلس الواحد عرفا غاية الأمر أنه يقول بجواز إقامتهم الشهادة وأداءها في هذه الحال وفي حال افتراق كل منهم عن الباقين وقد أضاف أن الثاني هو المستحب لئلا يطلع أحدهم على ما شهد به الآخر، واللاحق على ما شهد به السابق، فيتلقى منه الشهادة.
وربما يؤيد ذلك أن ابن إدريس عبر في السرائر بذلك أي مجلس واحد أو مجالس فإنه قال: إذا تكامل شهود الزنا فقد ثبت الحكم بشهادتهم سواء شهدوا في مجلس واحد أو في مجالس ولا يعتبر حضور الشهود لأداء الشهادة في وقت واحد إلا ههنا الخ (1) مع أنه قال قبل ذلك: ولا تقبل شهادة الشهود على الزنا إلا إذا حضروا في وقت واحد فإن شهد بعضهم وقال: الآن يجيئ