أربعة شهداء على فعل واحد بحيث لا يجري احتمال تعدد الواقعة فإذا كانت الشهادة بحيث تحتمل التعدد فلا تنفع في اثبات الحد على المشهود عليه، فمن هذا الباب ما إذا تعرض البعض وقال الباقي: لا أعلم، ومنه ما إذا تعرض بعض وأطلق الباقي، ومنه ما إذا لم يتعرضوا للخصوصيات أصلا فإن الرمز الأصيل والوحيد في رد الشهادة في مورد الرواية هو احتمال تعدد الواقعة وهو محقق في غير موردها أيضا. فكما أنه لو شهد اثنان بوقوع الزنا في مكان كذا وشهد آخران بوقوعه في مكان آخر فإنها لا تؤثر شيئا، كذلك فيما إذا تعرض بعض وأطلق الباقون مثلا.
وهذا الكلام يأتي في جميع الشهادات وإن كان بينها فرق من جهة العدد المعتبر فيها فإذا شهد شاهدان بوقوع القتل إلا أن أحدهما قال بأن زيدا قتل عمروا وقال الآخر: أن زيدا قتل ولكن لا أدري أنه قتل أي شخص ولا أعلم أنه كان عمروا مثلا فإنه لا تقبل هذه الشهادة ولا تؤثر في استحقاق القصاص فليس لولي المقتول الاقتصاص منه لعدم اثبات أنه قتل عمروا حتى يجوز له ذلك وهكذا لو كانت شهادتهما من باب المطلق والمقيد بأن شهد أحدهما بأنه قتل عمروا وقال الثاني: أنه قد قتل رجلا.
نعم في مورد لا يفضي الاختلاف في الخصوصيات إلى احتمال تعدد المشهود به لا اشكال، وذلك كما إذا شهد الشهود إن هذا الرجل قد زنى بهذه المرأة لكنهم اختلفوا في معرفتها والجهل لها فبعضهم يعرفها ويسميها وبعض لا يعرفها ولا يسميها مثلا فإن اختلافهم في المعرفة بها وعدمها وأنه يعرفها بعضهم دون الآخرين غير قادح بعد تعيينهم جميعا شخصها وذلك لعدم احتمال التعدد حيث عينوا شخصها وزمان الزنا ومكانه.
فقوله عليه السلام في الرواية: لا يحد ولا يرجم إشارة إلى عدم تمامية الشهادة في الواقع وذلك لاحتمال عدم اتفاقهم على شئ واحد.
وبذلك قد ظهر أيضا إن ما أفاده في الجواهر بعد التمسك بالموثق بقوله:
ومنه يعلم الوجه في اشتراط توارد الجميع على الخصوصية إذا ذكرها بعضهم