وأما عدم اجراء الحد عليها فلعدم مسوغ لذلك، ولا يكفي في الحكم بزناءها مجرد اقرار أحد به بعد أن كانت تنكره وتكذب المقر بذلك أو ما دام لم تقر هي أيضا بذلك.
ومنها أنه لو أقر من يعتوره الجنون حال إفاقته بالزناء وأضافه إلى حال إفاقته حد ولو أطلق لم يحد.
أقول: أما الأول فلأن الاقرار صدر في حال الإفاقة فهو اقرار من العاقل، والمفروض أنه نسبه إلى حال الإفاقة فقد وقع كل من الفعل والاقرار في حال السلامة والعافية فإذا أكمل أربعة أقارير فلا بد من أن يقام عليه الحد.
وأما الثاني وهو عدم الحد فيما إذا أقر في حال الإفاقة بالزنا ولم ينسبها إلى حال الإفاقة فقد علل ذلك باحتمال وقوعه حال جنونه لكنه رد عليه في الجواهر بقوله: وفيه نظر خصوصا إذا قلنا باعتبار العقل في مفهوم الزنا.
بيان ذلك أن الاطلاق محمول على ما هو الظاهر منه وهو وقوع الزنا في حال الإفاقة والعقل، لا مع الجنون ومن حيث لا يشعر، خصوصا إذا قلنا باعتبار العقل في تحقق مفهوم الزنا فإنه على ذلك ليس وطيه في حال الجنون زناءا مع أنه قد أقر بالزناء فلا بد من اجراء الحد عليه.
وفيه إن اعتبار العقل في مفهوم الزنا شرعا لا ينافي صدقه بدونه عرفا وفي بعض اطلاقاته وليس بنحو لا يصدق الزنا مطلقا فترى أنه يصدق الزنا على وطئ المجنون.
والحق هو أن يقال إن المواقع مختلفة فتارة قد بقي في ذهنه صورة من أعماله وحركاته حال الجنون والآن يريد أين يحكيها وينقلها، وأخرى لا يكون كذلك فلو حصل الاطمينان بأنه يريد من قوله ما فعله حال جنونه فهنا لا شئ كما أنه لو حصل الاطمينان بأنه يريد حال إفاقته فلا اشكال في اجراء الحد عليه وأما لو لم يحصل لنا ظهور تام تطمئن إليه النفس فلا يجوز ذلك ولا يمكن الأخذ باقرار مجمل إلا إذا سئل وانكشف الحال بالسؤال، فتحصل أن الأقوى عدم الحد إلا بقرينة تدل على وقوعه حال إفاقته.