حسب حاجته لا حسب عمله، أي ان كل فرد يعطى قدر ما يشبع رغبته ويحقق سائر طلباته، لأن الثروة التي يملكها المجتمع قادرة على إشباع كل الرغبات.
ونحن لا نعرف فرضية أكثر إمعانا في الخيال وتجنيحا في آفاقه البعيدة، من هذه الفرضية التي تعتبر: ان كل إنسان في المجتمع الشيوعي قادر على إشباع جميع رغباته وحاجته إشباعا كليا، كما يشبع حاجاته من الهواء والماء، فلا تبقى ندرة ولا تزاحم على السلع، ولا حاجة إلى الاختصاص بشيء.
ويبدو من هذا، أن الشيوعية كما تصنع المعجزات في لشخصية الإنسانية، فتحول الناس إلى عمالقة في الإنتاج، بالرغم من انطفاء الدوافع الذاتية والأنانية في ظل التأميم.. كذلك تصنع المعجزة مع الطبيعة نفسها، فتجردها عن الشح والتقتير، وتمنحها روحا كريمة تسخو دائما بكل ما يتطلبه الإنتاج الهائل، من موارد ومعادن وأنهار.
ومن سوء الحظ أن قادة التجربة الماركسية، حاولوا، يخلقوا الجنة الموعودة على الأرض ففشلوا، وظلت التجربة تتأرجح بين الاشتراكية والشيوعية، حتى أعلنت بصراحة عجزها عن تحقيق الشيوعية بالفعل، كما تعجز كل تجربة تحاول اتجاها خياليا يتناقض مع طبيعة الانسان. فقد اتجهت الثورة الاشتراكية في بادئ الأمر اتجاها شيوعيا خالصا، إذ حاول لينين أن يكون كل شيء شائعا بين المجموع. فانتزع الأرض من أصحابها وجرد الفلاحين من وسائل إنتاجهم الفردية فتمرد الفلاحون وأعلنوا إضرابهم عن العمل والإنتاج، فنشأت المجاعة الهائلة التي زعزعت كيان البلاد، وأرغمت السلطة على العدول عن تصميمها، فردت للفلاح حق التملك، واستعادت البلاد حالتها الطبيعية، إلى أن جاءت سنة (28 - 30) فحدث انقلاب آخر أريد به تحريم الملكية من جديد، فاستأنف الفلاحون ثورتهم واضرابهم، وأمعنت الحكومة في الناس قتلا وتشريدا وغصت السجون بالمعتقلين، وبلغت الضحايا - على ما قيل - مائة ألف قتيل، باعتراف التقارير الشيوعية، واضعاف هذا العدد في تقدير أعدائها. وراح ضحية المجاعة الناجمة عن الاضراب والقلق سنة (1932)، ستة ملايين نسمة