وهذا الحل النظري لمشكلة الذي يقدمه أنجلز، يفترض أن القيم العالية التي يمتاز بها العمل المركب عن العمل البسيط، تعادل تكاليف تدريب العامل الكفؤ على العمل المركب. ونظرا إلى أن الفرد في المجتمع الرأسمالي يتحمل بنفسه تكاليف تدريبه، فيستحق تلك القيم التي نجمت عن تدريبه. وأما في المجتمع الاشتراكي فالدولة هي التي تنفق على تدريبه، فتكون وحدها صاحبة الحق في القيم العالية للعمل المركب، وليس للعامل الفني حينئذ أن يطالب بأجرة يزيد على أجر العامل البسيط.
ولكن هذا الافتراض يناقض الواقع، فإن القيم العالية التي يحصل عليها العامل السياسي العسكري، في مجتمع المنتجين الخاصين - في المجتمع الرأسمالي - تزيد كثيرا عن تكاليف دراسته للعلوم السياسية والعسكري، كما مر سابقا.
أضف إلى ذلك أن أنجلز لم يضع معالجته للمشكلة في صيغة دقيقة، تتفق مع الأسس العلمية المزعومة في الاقتصاد الماركسي، فقد غاب عن ذهن أنجلز أن السلعة التي ينتجها العامل الفني المدرب، لا يدخل في قيمتها - التي يخلقها العامل - ثمن تدريبه وأجور دراسته، وإنما الذي يحدد قيمتها كمية لعمل المنفقة على إنتاجها فعلا، مع كمية العمل التي أنفقها العامل خلال الدراسة والتدريب. فمن الممكن أن ينفق العامل عشر سنوات من العمل في التدريب، ويكلفه، ذلك ألف دينار، ويكون ثمن التدريب هذا - هو ألف دينار - معبرا عن كمية من العمل المختزن فيه، تقل عن عمل عشر سنوات. فأجرة التدريب - في هذا الفرض - تصبح أقل من القيمة التي ساهم عمل العامل خلال تدريبه في إيجادها، نظير تكاليف تجديد قوة العمل، التي تقل عن القيمة التي يخلقها العمل نفسه، كما تزعم نظرية القيمة الفائضة.
فما يصنع أنجلز إذا أصبحت كميه العمل، الماثلة في تكاليف تدريب العامل.. أقل من كمية العمل التي ينفقها العامل خلال التدريب؟! إن الدولة ليس من حقها في هذا الحال - على أساس الاقتصاد الماركسي - أن تقتطف ثمرات التدريب، وتسلب من العامل القيمة التي خلقها بعمله. في السلعة خلال التدريب، بوصفها قد دفعت