الاستغلال، وله أن يؤجرها للغير، وأن يفرض على الغير شروطه التي تهمه، كما له أن يترك الأرض دون استغلال.
وتستهدف هذه الحرية الرأسمالية التي يمنحها المذهب الرأسمالية للمالك: أن تجعل الفرد هو العامل الوحيد في الحركة الاقتصادية، إذا ما من أحد أعرف منه بمنافعه الحقيقية، ولا أقدر منه على اكتسابها. ولا يتأتى للفرد أن يصبح كذلك ما لم يزود بالحرية في مجال استغلال المال وتهيئته ويستبعد من طريقه التدخل الخارجي من جانب الدولة وغيرها. فبذلك يصبح لكل فرد الفرصة الكافية، لاختيار نوع الاستغلال الذي يستغل به ماله، والمهنة التي يتخذها، والأساليب التي يتبعها لتحقيق أكبر مقدار ممكن من الثروة.
وثالثا: ضمان حرية الاستهلاك، كما تضمن حرية الاستغلال. فلكل شخص الحرية في الإنفاق من ماله كما يشاء على حاجاته ورغباته، وهو بتحريم استهلاك بعض السلع لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة، كاستهلاك المخدرات.
فهذه هي المعالم الرئيسية في المذهب الرأسمالي التي يمكن تلخيصها في حريات ثلاث: حرية التملك، والاستغلال، والاستهلاك.
ويظهر منذ النظرة الأولى: التناقض الصارخ بين المذهب الرأسمالي والمذهب الماركسي، الذي يضع الملكية الاشتراكية مبدءا بدلا عن الملكية الفردية، ويقضي على الحريات الرأسمالية التي ترتكز على أساس الملكية الخاصة، ويستبدلها بسيطرة الدولة على جميع مرافق الحياة الاقتصادية.
ومن القول الشائع: أن اختلاف المذهبين الرأسمالي والماركسي في معالمهما، يعكس اختلافهما في طبيعة نظريتهما إلى الفرد والمجتمع لأن المذهب الرأسمالي مذهب فردي، يقدس الدوافع الذاتية، ويعتبر الفرد هو المحور الذي يجب على المذهب أن يعمل لحسابه، ويضمن مصالحه الخاصة. وأما المذهب الماركسي فهو مذهب جماعي، يرفض الدوافع الذاتية والأنانية، ويفني الفرد في المجتمع، ويتخذ المجتمع