كل شيء - قواني الديالكتيك التي ترتكز عليها الماركسية. ليست تدريجية، بل تحصل بصورة فجائية، وتحدث بقفزة من حالة إلى أخرى. وعلى أساس هذا القانون آمنت الماركسية بضرورة الثورة في مطلع كل مرحلة تاريخية، بوصفها تحولا آنيا. فكيف بطل هذا القانون عند تحول المجتمع من الاشتراكية إلى الشيوعية.
والتحول التدريجي السلمي من المرحلة الاشتراكية إلى الشيوعية، كما يناقض قوانين الديالكتيك، كذلك يناقض طبيعة الأشياء. إذ كيف يمكن أن نتصور أن الحكومة في المجتمع الاشتراكي، تتنازل في التدريج عن السلطة وتقلص ظلها، حتى تقضي بنفسها على نفسها، بينما كانت كل حكومة أخرى على وجه الأرض تتمسك بمركزها، وتدافع عن وجودها السياسي إلى آخر لحظة من حياتها؟!، فهل هناك أغرب من هذا التقليص التدريجي الذي تتبرع بتحقيقه الحكومة نفسها، فتسخو بحياتها في سبيل تطوير المجتمع؟!، بل هل هناك ما هو أبعد من هذا عن طبيعة المرحلة الاشتراكية، والتجربة الواقعية التي تجسدها اليوم في العالم؟! فقد عرفنا أن من ضرورات المرحلة الاشتراكية قيام حكومة دكتاتورية مطلقة السلطان، فكيف تصبح هذه الدكتاتورية المطلقة مقدمة لتلاشي الحكومة واضمحلالها نهائيا؟!، وكيف يمهد استفحال السلطة واستبدادها إلى زوالها واختفائها؟!!.
وأخيرا: فلنجنح مع الماركسية في أخيلتها، ولنقترض أن المعجزة قد تحققت، وان المجتمع الشيوعي قد وجد، وأصبح كل شخص يعمل حسب طاقته ويأخذ حسب حاجته، أفلا يحتاج المجتمع إلى سلطة تحدد هذه الحاجة، وتوفق بين الحاجات المتناقضة فما إذا تزاحمت على سلعة واحدة، وتنظم العمل وتوزعه على فروع الإنتاج.