كما يقسم الإقتصاد الماركسي إلى علم ومذهب، كذلك ينقسم الإقتصاد الرأسمالي إلى هذين القسمين. ففيه الجانب العلمي، الذي تحاول الرأسمالية فيه أن تفسر مجرى الحياة الاقتصادية وأحداثها تفسيرا موضوعيا، قائما على أساس الاستقراء والتحليل. وفيه أيضا الجانب المذهبي، الذي تدعو الرأسمالية إلى تطبقه وتتبنى الدعوة إليه.
وقد اختلط هذان الجانبان أو الوجهان للاقتصاد الرأسمالي، في كثير من البحوث والأفكار، مع أنهما وجهان مختلفان، ولكل منهما طبيعته الخاصة وأسسه ومقاييسه. فإذا حاولنا أن نسبغ على أحد الوجهين الطابع المميز للآخر، فنعتبر القوانين العلمية مذهبا خالصا، أو نضفي الطابع العلمي على المذهب، فسوف نقع في خطأ كبير كما سنرى.
والرأسمالية وإن اتفقت مع الماركسية، في تشعبها إلى جانب علمي وجانب مذهبي ولكن العلاقة بين علم الاقتصاد الرأسمالي، والمذهب الرأسمالي في الاقتصاد، تختلف اختلافا جوهريا عن العلاقة بين الجانب العلمي من الماركسية، والجانب المذهبي منها، أي بين المادية التاريخية من ناحية، والاشتراكية والشيوعية من ناحية أخرى وهذا الاختلاف هو الذي سيجعل طريقة بحثنا مع الرأسمالية، تختلف عن طرقة دراستنا للماركسية، كما يتضح خلال هذا الفصل (مع الرأسمالية).
وسوف نستعرض فيما يلي: الاقتصاد الرأسمالي في خطوطه الرئيسية، نعالج بعد ذلك علاقة المذهب الرأسمالي بالجانب العلمي من الرأسمالية، وندرس أخيرا الرأسمالية في ضوء أفكارها المذهبية التي ترتكز عليها.