ومهما يكن من أمر، فإن القول بأن ذلك كان من إبراهيم (ع) في زمان مهلة النظر يضعفه الطوسي (قده) بنسبته إلى البلخي، بل إننا نقطع بتضعيفه له وعدم قبوله به بما سيجيء بالقول الثالث.
6 - أما القول الثالث (وهو الإنكار على قومه) فإن " الكاتب " عمد إلى تجاهله كالعادة، ولغاية لم تعد تخفى، وهو القول المعتبر عند الشيعة وهو: " أن إبراهيم (ع) لم يقل ما تضمنته الآيات على وجه الشك، ولا في زمان مهلة النظر، بل كان في تلك الحال عالما بالله وبما يجوز عليه، فإنه لا يجوز أن يكون الإله بصفة الكوكب، وإنما قال ذلك على سبيل الإنكار على قومه والتنبيه لهم " (1).
ويلاحظ في هذا القول عدة أمور:
أ - إنه موافق لروايات أهل البيت (ع).
ب - إن الطوسي لم ينسبه إلى أحد ولا يخفى ما في ذلك من دلالة.
ج - إن الطوسي رد جميع الإشكالات التي أوردها عليه كما رد الإشكالات على قول البلخي فما هو الأمر المعتبر عنده إذن.
د - إن الطوسي (قده) لا يمكن أن يجمع بين الموافقة على هذا الوجه والموافقة على الوجه الثاني لأنه يجمع بذلك بين متناقضين متنافرين، لأن القول الثالث يتنافى ويتنافر مع القول الثاني فلاحظ قوله (قده):
" إن إبراهيم (ع) لم يقل ما تضمنته الآيات على وجه الشك ولا في زمان مهلة النظر "، فهو صريح بأن القائل بهذا الوجه لا يقول بالوجهين الأولين.
وإذا تأملنا في ذلك يتضح لنا أن الوجهين الأولين اللذين نسبهما الطوسي (قده) للجبائي والبلخي غير معتبرين عنده (قده).