وقد حمل " الكاتب " على كلام العلامة هذا، وسعى جاهدا لإثبات أن الإباق كان من الله لا من قومه كما سيأتي عند استعراضه لمعنى الإباق في المعاجم اللغوية.
ثم حشد نصوصا عديدة لبعض المفسرين زاعما أنها تؤيد ما ذهب إليه من أن الإباق إنما كان من الله لا من قوم يونس (ع) وأخذ ينشر العنوان تلو العنوان:
تفسير التبيان: يونس (ع) خرج قبل أن يؤمر.
مجمع البيان: يونس (ع) خرج قبل أن يؤذن له.
جوامع الجامع: ضجر فخرج من غير أمر.
وهكذا..
وهذه العناوين، كما هو واضح، إنما تتحدث عن أن يونس (ع) خرج قبل أن يؤمر، وهذا ليس محل البحث، علما أن إخبار الله له (ع) بنزول العذاب بمثابة الإذن له بالخروج ويكون عدم نزول العذاب من البداء.
وعلى التنزل فإنه (ع) إن لم يؤمر بالخروج، فإنه لم يؤمر بالبقاء وعدم الخروج أيضا، كما أشار إلى ذلك العلامة الطباطبائي.
ولكن الملفت أن هذه النصوص تؤكد ما ذكره العلامة المحقق وهو أن هروبه كان من قومه وللتدليل على ذلك نذكر أقوال المفسرين التي زعم أنها تؤيد ما يذهب إليه.
قال الشيخ الطوسي في تبيانه: " فالإباق هو الفرار، فالآبق الفار، حيث لا يهتدي إليه طالبه. يقال: أبق العبد يأبق إباقا فهو آبق إذا فر من مولاه، والآبق والهارب والفار واحد.
قال الحسن: فر من قومه " (1).